إن شبكات التواصل الاجتماعي عبارة عن مجتمعات افتراضية يتم انشاؤها على الشبكة العنكبوتية (WWW) وبدعم من تقنية الجيل الثاني من الويب (Web 2.0) لتداول الأخبار والأفكار والنقاش. ولذا أصبحت هذه الشبكات التواصلية الإلكترونية واقعا ملموسا وضرورة من ضروريات الحياة وأحد مقتضيات العصر الحالي، حيث بدأت تتغلغل في حياة الأفراد والجماعات، وتشكل صور تفاعلاتهم واندماجهم في مجتمعاتهم الصغرى- على مستوى العلاقات الأسرية، والكبرى على مستوى العلاقات مع الأفراد الآخرين- بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وبدأت تؤثر في حياتهم بصورة إيجابية وسلبية. ولو أردنا باختصار معرفة أثر هذه الشبكات على الحياة الحالية والمستقبلية للأفراد، فأول شيء يتبادر إلى الذهن ربما هو الأثر السلبي على اللغات الأخرى غير الإنجليزية، إذ بات الحديث عن أهمية إيجاد لغة عالمية موحدة كي تكون مرجعا لجميع مستخدمي شبكات التواصل، مما يقصي بعض اللغات وخصوصا اللغة العربية ويتسبب في موتها الكترونيا أو يهدد بعض خصائصها الثقافية والصرفية والنحوية والصوتية والدلالية كما يحدث حاليا فيما يسمى بعرب أيزي (Arab-easy). ولو ركنا على بعض الآثار السلبية- بغض النظر عن الجوانب الإيجابية- الناتجة عن استخدام شبكات التواصل الاجتماعية المستمر كالتفكك الاجتماعي وتغير المنظومة الاجتماعية القيمية والانفصال عن الواقع، وفقدان الرغبة في التغيير الذاتي والتطوير وضعف الروابط الأسرية، بالإضافة إلى تعميق الفجوة الثقافية والحوارية بين الأجيال والشعوب والتي ربما تزداد تدريجيا عبر السنيين. في الواقع إن شبكات التواصل تفوق تلك السلبيات والتي تصل تهديد السلم العام للأفراد وانتشار ظواهر دخيلة على المجتمعات كالغلو والتطرف وغير ذلك مما لا يقره دين ولاعقل. ومن الآثار السلبية على صعيد الأفراد تعزيز بعض المشكلات النفسية والتي تحدث بسبب الإدمان على هذه الشبكات، وقلة التواصل الجسدي وينتج عن ذلك خلل طارئ في الطلاقة التعبيرية والكلام والثقة ومواجهة الآخرين والعزلة، وربما ضعف في القدرات الذهنية وتحليل المواقف. وطالما تم ذكر الآثار السلبية المحتملة لشبكات التواصل الاجتماعية، فإنه يجب ذكر الآثار الإيجابية لهذه الشبكات كانتشار العقول الافتراضية غير المحددة بوقت وزمن وانتشار المجتمع الافتراضي، وكسر عزلة المسنين والتغير المعرفي والاتصال المتبادل العابر للقارات وإلكترونية العلاقات الاسرية والروابط الاجتماعية– والتي قد تعتبر أحيانا إحدى سلبيات الشبكات الاجتماعية، حيث تناسى البعض القيام بالواجبات واعتمد كليا على التواصل الافتراضي والانقطاع عن الواقع. ومن الآثار الإيجابية لهذه الشبكات أيضا، زيادة التكوين الفكري والمعرفي والثقافي للمستخدمين حيث أتاحت هذه الشبكات الكم الهائل من المعرفة، وتم توسيع دوائر النقاش وطرح الأفكار والآراء، وساهمت في انتقال المجتمع من كونه مجتمعا فرديا إلى مجتمع مشترك مبني على التفاعلية والإحساس بالهوية المشتركة والتحول إلى الاقتصاد المعرفي. وختاما لا بد لنا أن نعترف بأن أمامنا العديد من التحديات المستقبلية فأولها وجوب استغلال هذه الشبكات وتوظيفها لأغراض تعليمية وأكاديمية، ويتم ذلك من خلال تعزيز دور المحتوى العلمي المجاني المتاح للجميع، وتوفير دروس ودورات تستخدم فيها هذه الشبكات كمعينات وداعم للتواصل الاجتماعي. ثانيها، يعتقد أنه تم التوصل إليه في يومنا هذا من تطور لشبكات التواصل ما هو إلا شيء بسيط مما ستؤول إليه الأمور في المستقبل من تطور ضخم في الاختراعات والتكنولوجيات الحديثية وسرعة الحواسيب مما سينعكس على تطور شبكات التواصل. ثالثا، يلزمنا كمستخدمين للشبكات الحديثة رفع مستوى الوعي التقني، حيث قلت الخصوصية وأصبحت المعلومات تنتشر في أرجاء العالم في الحال.