على الرغم من تطور التقنية الحديثة - التي فرضت على المجتمعات استخدامها - إلاّ أنها أتاحت فرصاً كثيرة أمام المراهقين للاستخدام السلبي لها، إذا لم يُحسن كثيرون استخدامها كوسيلة اتصال أو نقل معلومة. وقد يشعر الفرد أحياناً بنوع من الخوف تجاه الآثار السلبية لهذه القفزة الهائلة، سيما وأننا نعلم أن كثيرا من شبابنا لا يحسنون استخدام التقنية، بل ويتجاهلون الإفادة الإيجابية منها. «الرياض» تلقي الضوء على إدمان المقاطع السلبية على النت وأثرها في شرائح المجتمع، لاسيما الفئات العمرية المنحصرة بين المراهقين والشباب، مع وضع الحلول التي تضمن استخدام التقنيات بشكل غير مسيء، وضمان استغلال أوقات «جيل المستقبل» بما يعود عليهم بالفائدة سواء من خلال حياتهم العلمية أو العملية. نسبة كبيرة في البداية قالت "الجوهرة الشومر" اختصاصية خدمة المجتمع بكلية التربية للبنات بجامعة حائل: إن تفاعل المستخدمين للتقنيات الحديثة لكونها وسائل اتصال سواء كانت أجهزة نقالة أو أجهزة حاسوبية أو غيرها، يمثل نسبة كبيرة في أوساط المجتمع الواحد، بل وواكب ذلك الإقبال ما طرأ على المجتمعات من متغيرات عصرية أرغمت أفراده على التعامل مع الوسائل المعلوماتية أياً كان نوع هذا التعامل، معللة ذلك أن هذه التقنيات بشتى أنواعها واستخداماتها جذبت انتباه مستخدميها واستحوذت على تقديرهم وإعجابهم، نظير ما تقدمه لهم من خدمات، مشيرة إلى أنهم يشعرون يومياً بالتحديث والتغيير والتجديد المستمر لوسائل الاتصال. معاناة المجتمع وأكدت أن هناك مشكلات تبرز عن سوء استخدام وسائل التقنية الحديثة، وهو ما يعاني منه المجتمع في الآونة الأخيرة من انتشار للصور والمشاهد السيئة والسلبية، مضيفة أنه في ظل الخدمات المعلوماتية نقرأ تضخماً ملحوظاً في حجم ما يضبط من تلك المواد السيئة والمنتشرة بين أوساط بعض المراهقين والمراهقات، خاصة وأفراده آثرت البقاء في الجانب المظلم للتقنية، من خلال مواقع مختلفة منها محلات الاتصال ومقاهي الإنترنت. خدمات متعددة وأشارت إلى أن بروز خدمات تقنية "البلوتوث، الماسنجر، الرسائل المصورة، اليوتيوب ..." قابلتها إساءة في الاستخدام، إضافة إلى انتشار مواد خطرة للغاية تتمثل في مشاهدة المقاطع السيئة الموجهة أيضاً للأطفال، وربما يتساءل بعضهم عن مدى أثر هذا في المجتمع ككل؟، وكيف يكون بعضهم قادراً على مواجهة ذلك السيل الهادر والغزو الواسع والمستهدف لإفساد مجتمعنا. تدوير التقنية وعن التعامل مع تلك السيول العارمة التي يواجهها المجتمع مع استخدامات التقنيات ووسائل الاتصال، قالت: إن التعامل مع تلك المشاهد السيئة والسلبية لا يتم إلاّ من خلال تدوير تلك التقنيات من سلبية إلى إيجابية، وذلك عن طريق المؤثرات الإيجابية في نفوس النشء المراهق، الذي يُعد أكثر شرائح المجتمع تأثراً بإدمان المشاهد السيئة عبر وسائل التقنية العصرية. آثار سلبية وذكرت أن الأضرار السلبية المترتبة على انتشار تلك المواد الخطرة، هو أن الإدمان على مشاهدة المقاطع السيئة يقارب في أثره الإدمان على المخدرات - حسب قولها - مؤكدة أنه ومن خلال الملاحظات على مدمني ومدمنات تلك المشاهد السيئة، وجد أنهم يعانون شرودا ذهنيا وفتورا جسدا، حتى أنهم يتجنبوا المكوث في منازلهم وبين أسرهم، إلى جانب الخواء الروحي والإيماني، مبينة أن الأثر السلبي الواسع لتلك المواد الذي يتعدى نفسية المدمن أو المدمنة إلى التأثير في قدراته العقلية والفكرية، ما ينعكس سلباً على تحصيله الدراسي أو أدائه الوظيفي. أثر رجعي وقالت: إن انتشار الجريمة وتنوع أساليبها سيما حالات الاغتصاب والاختطاف والشذوذ الجنسي كل ذلك له أثر رجعي على مدمنها، ويأتي لانتشار تلك المواد وإدمان مشاهدتها بين الشباب، خصوصاً أنه يصادف عقولهم ونفسياتهم في نعومة مرحلة المراهقة، فيتضاعف أثره السلبي أضعافاً مضاعفة، مؤكدة أن أخطر الآثار السلبية لهذه الموجة هو استغلال كثير من العاملين في الخفاء من المتخلفين والعاطلين وأصحاب الفكر الإفسادي، للتكسب من ترويج هذه المواد على حساب أهم الموارد الحقيقية وهم الجيل الواعي من الشباب والفتيات. تفاعل قائم وأوصت الآباء والأولياء بالتفاعل القائم مع الأبناء، وذلك بعدم تعريضهم لما يفوق طاقاتهم العقلية والنفسية، مشيرة إلى أن البث المفتوح مع توافر أجهزة الاتصال لطلاب وطالبات المرحلة المتوسطة بل والابتدائية، يُعد تفريطاً يدمر الشباب والشابات، مشددة على أهمية الحوار الهادف وتعزيز الثقة بالنفس، والتي تساعد الشاب والفتاة على النهوض بسلام من وحل هذه المواد العفنة. فوائد وسلبيات وترى "بدرية الفريدي" المشرفة التربوية بإدارة التربية والتعليم بحائل، أن أجهزة "التكنولوجيا" أصبحت عناصر أساسية في حياتنا اليومية والعملية، بل وانسحبت بالتالي على حياتنا الشخصية، مضيفة أنه بالطبع فإن لهذه الأجهزة فوائد وسلبيات، فهي أجهزة وجدت لفائدة الإنسان ومساعدته في التواصل بفاعلية أكبر، ولكن إذا أسيء استخدامها فإنها تنقلب إلى الضد، مبينة أن الهاتف الخلوي اليوم لم يعد مجرد أداة اتصال خاصة مع وجود كثير من المميزات التكنولوجية الإضافية فيه، مثل "الكاميرا" و"الراديو"، وتصفح "الانترنت"، ذاكرة أن استخدام الانترنت من قبل العديد من الناس وخصوصاً شرائح المراهقين والشباب، أصبح من الظواهر التي يرى الإنسان العادي انعكاساتها مع كل من يتعامل مع هذه الشرائح. بديل للتفاعل الاجتماعي وأضافت أن استخدام الانترنت أصبح بديلاً للتفاعل الاجتماعي الصحي مع الرفاق والأقارب، بل وأصبح هم الفرد قضاء الساعات الطويلة في استكشاف مواقعه المتعددة، ما يعني حدوث تغير في منظومة القيم الاجتماعية للأفراد، مشيرة إلى أن الاستخدام الفردي للحواسيب والانترنت وغيرها من وسائل الاتصال يعزز الرغبة والميل للوحدة والعزلة للمراهقين والشباب، ما يقلل من فرص التفاعل والنمو الاجتماعي والانفعالي الصحي، الذي لا يقل أهمية عن النمو المعرفي وحب الاستطلاع والاستكشاف، موضحة أن بعض الدراسات الأولية تشير إلى أن استخدام الانترنت يعرض الأطفال والمراهقين خاصة إلى مواد ومعلومات خيالية وغير واقعية، مما يعيق تفكيرهم وتكيفهم وينمي بعض الأفكار غير العقلانية، وخصوصاً ما يتصل منها بنمط العلاقات الشخصية، وأنماط الحياة والعادات والتقاليد السائدة في المجتمعات الأخرى. اتهام بالتخلف! وذكرت أن دخول الانترنت مجالات الحياة الواسعة، أصبح عاملاً مساعداً في تقوية الفجوة بين الأجيال، فيما يتعلق بثقافة الحوسبة والاتصال مع العالم الخارجي، بل إن كثيرا من الناس الذين لا يتمتعون بميزة استخدام الانترنت، أصبحوا عرضة للاتهام بالتخلف والغباء، الأمر الذي يساعد على تطوير نموذج من الصراع الاجتماعي والثقافي بين الأجيال أو شرائح المجتمع، أو بين الصغار والكبار، أو الأبناء والآباء. الحد الفاصل وقالت "عواطف اليوسف"إعلامية: إن الحد الفاصل بين إيجابية وسائل الاتصال الحديثة أو سلبيتها، يتحدد وفقاً لطبيعة الاستعمال، وإذا ما كان في الحدود الطبيعية أم إدمانًا، موضحة أن الإدمان لا يقتصر على تعاطي مواد لها تأثير معين على الجسم، وإنما هو حالة الاعتمادية وعدم الاستغناء عن شيء ما، والشعور بالحاجة إلى المزيد للحصول الإشباع، مضيفة "إذا أردنا معرفة تأثير استخدام تقنيات الاتصال على السلوك الاجتماعي والعلاقات الأسرية، فلا يمكننا إصدار حكم عام، فالأمر يعتمد أساساً وبالدرجة الأولى على حجم الاستخدام، وعدد الساعات التي ينفقها الشخص مستخدمًا الشبكة"، ذاكرةً أن عالمة النفس الأمريكية "كيمبرلي يونج" وهي أول من اهتم بإدمان الإنترنت، أوضحت أن استخدامه لأكثر من (38) ساعة أسبوعياً هو مؤشر الإدمان. مدمن الإنترنت! وأضافت أن مدمن الإنترنت، غالباً ما يسيء استخدامه، بل ويكون أكثر عرضة للانجراف وراء سلوكيات سلبية، وعلى أية حال فإنه يسعى لتأسيس حياة منفصلة له في هذا العالم الافتراضي، يهرب فيها من واقعه كما هو حال "المدمن" بشكل عام، وهذا يؤثر في واقعه ويجعله أكثر تعقيدًا وبرودة، ويفاقم مشكلاته الاجتماعية والأسرية، مشيرة إلى أن أخطر ما في الأمر هو أن وجود العالم الإلكتروني الممتع الذي يهرب إليه، يفقده الرغبة في إحداث تغيير أو تحسين حياته الحقيقية، فتزداد سوءًا كلما ازداد إدمانًا.