فتحت المسرحية السعودية «تشابك»، التي عرضت ضمن مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي شهية النقاد على آخرها في الندوة التطبيقية الثالثة، التي شهدتها قاعة الندوات بقصر الثقافة بعد العرض مباشرة، من خلال المداخلات والتحليل الموضوعي والدقيق. أدار الندوة إبراهيم الحارثي بحضور المؤلف فهد ردة الحارثي والمخرج أحمد الأحمري، وأشار إلى أنهما قامتان مسرحيتان أوجدتا مناخا رائعا جدا وفضاءات مميزة في المشهد المسرحي السعودي، وقرأ جانبا من كلمة المؤلف التي تضمنت سؤال العرض وثيمته التي تكاثفت حول «ماذا لو» وصراع الإنسان مع ذاته، لتنطلق بعدها المداخلات الذي بدأها الدكتور محمد سلمان من البحرين بتنويه لفعالية الفنانين عبدالرحمن المزيعل وسامي الزهراني، وإلى اللعبة المسرحية التي نهضت على السؤال والإجابة عنه، فهل يجب أن يكون للعبة المسرحية زمان ومكان وهدف أم إنها تبدأ وتنتهي من دونهما، كما تحدث عن اشتغال المخرج على ما يمكن تسميته بصندوق الأراجوز بشكل مبدع وبوعي واضح حتى في تحويل الصندوق إلى سفينة مجنحة أشبه بالطائرة، فيما لم يستسق الموسيقى والمؤثرات التي وصفها بالمقحمة في بعض الاحيان. من جهته، قال د.سعيد كريمي من المغرب: هناك تناغم وانسجام بين صناعة أو كتابة النص المسرحي ونص العرض الذي كتب أصلا برؤية إخراجية استباقية ليأتي هذا العمل بشكل متكامل على مختلف المستويات، عمل يعيد الاعتبار للممثل باعتباره سيد الخشبة، حيث استطاع المخرج برؤيته الثاقبة أن يفجر طاقاته على مستويات مختلفة ومتباينة مثل الغناء والرقص والتعبير الجسدي، كما أن النص المسرحي يحضر بقوة على أساس غير كلاسيكي معهود، ولكنه نص متحرر يمكن استبدال مقاطع فيه دون أن يحدث أي ارتباك داخل النص وهو يتماهى مع اللعبة وموضوعه، الذي يمكن أن نصنفه في إطار ما يعرف بالسايكودراما، كذلك تحضر المأساة السوداء تراجيي- كوميدي هناك ضحك وفي الوقت نفسه مأساة حقيقية من خلال هذه التحولات خروج الممثل من شخصية ودخوله لشخصية أخرى، هذا التماهي والتلاعب يدل على أن هناك رؤية إخراجية حاضرة مع عمق في الكتابة الدرامية، وهذا ما جعلنا نشاهد عملا مسرحيا فيه نوع من الجدلية بين الستاتيكا والديناميكة بين التحول والثبات تؤدي الى فضاء أنيق. وكانت للفنان البحريني عبدالله ملك مداخلة قال فيها: لا يجرؤ أي شخص أن يتناول نصا لفهد ردة الحارثي إلا إذا كان متمكنا من أدواته الثقافية الفنية، فرغم كل هذا التيه والتنافر وهذه الرمزية والسريالية وكثير من الأمور الغرائبية في النص إلا أنك تجد نفسك مأسورا مندمجا طوال العرض أمام مؤديين كانا كأنهما يعزفان وليس يمثلان، قدما لنا عرضا جميلا متكاملا كان خلفه مخرج واع ومتمكن من أدواته، وفعلا لم تكن هناك أية مجانية في أي من تفاصيل العرض المسرحي كل شيء موجود مدروس وفي مكانه. وشكر المؤلف المتداخلين جميعا ووضح بعض القضايا التي التبست ورد على سائر الأسئلة التي طرحت، موضحا ومفسرا، وبدوره شكر المخرج المتداخلين وأكد أنه سيأخذ منها ما يفيد العرض بكل تأكيد. مشهد من مسرحية «تشابك» (اليوم)