استكمالا لمقال الأسبوع الماضي حول أن الشاعر هو الناقد الأول.. أستكمل هذا الأسبوع بالإشارة لما تسببه الأهواء الشخصية - لبعض النقاد والإعلاميين الموجهين لهم - من تدنٍ لمستوى النقد وبالتالي نفور الشعراء، والذي يؤدي بدوره لتدني النتاج الشعري ونشوء جيل من الشعراء يخشى النقد فيُخشى على الساحة من شعره غير الممحص.. لقد كان الناقد الموازي ممارسًا منذ نشأة النقد بمفهومه التقليدي وحتى الآن، فقد كان النقاد الأوائل يصدرون الأحكام مباشرة على الشاعر وشعره من حيث الجودة والعمق والسطحية في خاصيتي الحبك والرصف للبناء الشعري والسبك للمعاني والجماليات.. تجلى ذلك في شعر المحاورة (القلطة) والمجالسات والمراسلات. ليتواصل النقد الموازي المعاصر بصيغة أخرى متناولًا شيئًا من العروض والبلاغة والمحسّنات الجمالية وتحليل المعاني، ومع ذلك لا يزال البحث جاريًا لبلورة تصور معين يُقعّد للنقد الموازي.. والناقد الدارس ربما كانت دراسته تخصصية أكاديمية أو دراسة ذاتية اجتهادية تثقيفية. ومع ذلك فتناول الناقد للنص الشعري الموازي لا يخضع للمدارس النقدية المتعاقبة التي تناولت الشاعر أحيانا والنص أحيانا والمتلقين أحيانا أخرى، لأنه ركّز على النص الشعري فقط بمعزلٍ عن تأثيرالشاعر أو المتلقي عليه، وهذا ما سيفتح لنا الباب على مصراعيه لصناعة نقدٍ متوازٍ يتناول اركان الشعر الثلاثة (الشاعر، النص، المتلقي) ودور كل منهم وأثره في غيره. ولكن من المؤكد أن النص قبل نشره لا بد أن يخضع للناقد الأول، وهو شاعره لأن هناك ما يُعرف بالناقد الذاتي، وإن لم يكن دارسًا ولا ممارسًا، ولكن لديه التصور الحقيقي عما يكتنزه نصّه الشعري ومواطن ضعفه وقوته.. لذا فإن الشاعر هو الناقد الأول.