القدرات الشخصية متوافرة لدى كل إنسان، تختلف في مستوياتها ومجالاتها وتوجهاتها، وهذا طبيعي للغاية نتيجة لتباين القدرات بيننا نحن البشر، لكنني على يقين بأن كلا منا لديه إمكانات مغمورة قابلة للانطلاق وقادرة على التحليق، إذن فيم تكمن إشكالية عدم تمكننا من الوصول إلى هذا الحيز المضيء في ذواتنا؟، وهذا سؤال كثيرا ما يتكرر إذا ما انزوينا مع أنفسنا في خلوة، وأجرينا حوارا صادقا معها بحثا عن قواها المخبوءة؟. الجواب دون فذلكة هو عجزنا عن قياس مستوى مواهبنا التي نكتشفها فينا، وبالتالي نجنح إلى تجاهل الموهبة القوية منها، بل نُخطئ بالتركيز على مواهب لا تناسبنا ولا نميل إليها، فضلا عن كونها مواهب ضعيفة، فما العوامل التي تصل بنا إلى هذه الحالة، بعجزنا عن تطوير مشاريعنا الذاتية الخاصة، أو حتى إسقاطها؟ العامل الأول: هو الغيرة اللعينة التي تجعل البعض حريصين كل الحرص على تمثل تجارب الآخرين بينما يتجاهلون عن قصدٍ وعمدٍ إمكاناتهم الخاصة ومواهبهم الفردية القوية الكامنة فيهم، وهذا السبب تحديدا أسقط كثيرا من المشاريع الحياتية الشخصية لكثير من الأفراد، أما العامل الثاني فهو عدم وعينا بحركة الزمن وسنوات العمر، وعدم قناعة البعض بأن الحياة مراحل ومحطات، وكل محطة لا تقبل بالضرورة أن تكون كسابقتها، بمعنى رغبة البعض في عمل كل شيء في أي وقت وأي مرحلة عمرية، بينما هناك مواهب تؤسسك في فترة ولكنها لا تقبل التأسيس في فترة عمرية لاحقة، العامل الثالث والأخير أن اكتشاف الموهبة فيك يلزمها التدعيم بالاطلاع والتثقيف وملاحقة كل معلومة تتعلق بها، بينما البعض يكابر بأنه يفهم كل شيء ويعرف كل شيء، وهذه الفئة المتعالية في نظري لا تفهم أي شيء!!! أخيرا أقول كي تصنع مشروعك الحياتي الخاص يتوجب عليك أولا اكتشاف مواهبك وقدراتك الخاصة عبر تحديد ميولك في مجالات الحياة، من ثم- وهذه خطوة أساسية- يتوجب صقل هذه الموهبة وعدم التسويف أو التأجيل، وفرصة صقل المواهب في الوقت الراهن أسهل بكثير من ذي قبل، تبعا لتوافر عالم الإنترنت والتواصل الاجتماعي الذي اختزل الزمن وقرب المسافات، ووفر عليك الحصول على المعلومة بكل يسر وسهولة، أما الخطوة التي يتوجب التركيز عليها، فهي الحذر من فخ الاستنساخ لتجارب الآخرين، أو الركض خلف مشاريعهم لا من أجل جعلها مُحفزا لك إنما لجعل مشروعك نسخة مزيفة وساذجة منها، وهذا هو الفشل الذريع!