هناك بعض القواعد التي تنطبق على نواح حياتية مختلفة، نستلهم منها العظة والعبرة، ومنها بعض القواعد الاقتصادية، كقاعدة «عشرين ثمانين»، أو ما يطلق عليها مبدأ باريتو، وباريتو هو عالم اقتصاد ايطالي يسمى (فلفريدو بريتو)، يرى مثلا أن 80% من الثروة يملكها 20% من الناس، وأن 80 % من مبيعات الشركات تكون عبر 20% من الزبائن، وهكذا، ولو نظرنا إلى حياتنا اليومية وتعاملاتنا لوجدنا انطباق ذلك المبدأ بنسبة معينة على العديد من قضايانا، فنلاحظ مثلا تركيز اهتمامنا على القضايا الدينية تجاه الأحكام الفقهية بشكل كبير، وكأن الإسلام محصور بالفقه، الإسلام دين السلام، الإسلام الذي بعث الله نبيه ليتمم مكارم الأخلاق، والإسلام الذي هو تجسيد لمقولة «الدين المعاملة»، الإسلام الذي يعبر عن المسلم قائلا، انه «من سلم الناس من لسانه ويده»، كل ذلك لم نتذكر إلا بعضا من مظاهره، وهي كلها لا تعادل من أحكام الإسلام إلا النزر اليسير، فعدد آيات القرآن هي 6236 آية بينما آيات الأحكام لا تتجاوز ال 500 آية والبعض يقول أقل من ذلك، وهي بالتالي تقل عن 20% من آيات القرآن، إلا أننا وللأسف ركزنا عليها وتركنا ال 80% أو أكثر من آيات القرآن. لذا، نرى البعض منا بعيدين عن الإسلام، بل نرى كما قال الإمام محمد عبده عن الغرب، انه وجد الإسلام ولم يجد المسلمين بينما وجد في بلاد المسلمين، مسلمين بلا إسلام، والأدهى من ذلك وكما يعلق الدكتور توفيق السيف حول الإصلاح في الدين الإسلامي، ان المصلحين أنفسهم اتجهوا فقط إلى الإصلاح في ما يتعلق بالأحكام فقط، أي انهم أيضا اتجهوا فقط إلى ال 20% فقط وتركوا بقية الأحكام والمعاملات، فحتى المصلحون انطبقت عليهم القاعدة أيضا، وإذا كان التوجه نحو القسم الأقل من تعاليم الإسلام هو خسارة كبيرة للفرد وللمجتمع، إلا أن الاستغراق في بعض تلك الجزئيات قد يؤدي إلى ضرر كبير على الفرد وعلى المجتمع بكامله، فقد يؤمن الفرد باجتهادات قد تصيب وقد تخطئ، ويكون نتيجتها بث الفرقة والنزاع بين الناس، عبر تهجمه على شخصيات ورموز بارزة، كل ذلك بسبب الأخذ بجزء يسير من الدين، أو باتباعه تفسيرات محددة، باعتباره هو الدين، والأسوأ من ذلك أيضا، من أخذوا جانبا من الدين فكفروا بعضا من المسلمين وأحلوا دمهم، ومارسوا كل صنوف القتل والذبح والقتل، كل ذلك باسم الدين واتباعا لفتوى أو رأي أو فهم خاطئ لحديث دون التفات لمخالفته لاستقرار الأمة وروح الإسلام، وكل ذلك أيضا عبر اتباع جزء يسير مما يعتقدون صحته، وتناسي باقي الأجزاء، رغم خطورة هذا العمل. إن الإسلام كل متكامل، لا فائدة من أخذ جزء منه وترك أجزاء أخرى، بل قد يكون من الوبال على مجتمعاتنا الإسلامية اتباع هذا النهج، ونكون حينها - لا سمح الله - من الأخسرين أعمالا.