سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. الشحات: إننا بحاجة إلى الاختلاف لإثراء الفكر والرؤى الإسلامية عضو مجمع البحوث الإسلامية والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ل «آفاق الشريعة»:
أوضح المفكر الإسلامي الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن الاختلاف في الرأي في عصر السلف الأول أداة ثراء وتنوع ودليل حيوية وخصوبة للعقل المسلم، وبرهان على عطاء الاسلام في كل جنبات الحياة ولكل البشر في جميع البلدان والأصقاع التي أشرقت عليها شمس الاسلام، يتحرى به وجه الله وطلب الحق والوفاء بالحاجات والمصالح وغرس الفكر السديد بين الفرد والجماعة، ثم دارت الحياة وحدث ما حدث للعقل المسلم ولأحوال المسلمين داخل أوطانهم وأصيب الفكر والفقه بالجمود. مشيرا إلى أنه من المنطلق الفكري والعملي، فإننا بحاجة إلى الاختلاف لإثراء الفكر والرؤى الإسلامية فما أحوج العقل المسلم إلى أن يجدد حياة المسلمين بالفكر الخلاق النابع من الإسلام والمستمد من أصوله ومصادره الأصلية، فهو الوسيلة لإحياء فقه الإسلام وجعله بحق صالحا لكل زمان ومكان وتجديد حياة المسلمين والانعتاق من التبعية والتخلف كما تشهد عليه الحالة الراهنة. على أن هذا الاختلاف يدور في المنطقة القابلة للاختلاف وهي كبيرة لأنها تكمن في تقديم الحلول الشرعية لمشكلات المسلمين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. مبينا: من الثابت في الشرع والاجتماع الإنساني أن الاختلاف سنة كونية وحقيقة اجتماعية، وحرصا على أن يحقق الاختلاف في الاحكام والقضايا أثره الإيجابي في الحلول والتوسعة على الناس في الأمور المصلحية والاحتياجات المعاشية التي هي من مقاصد الشرع، وتمكينا للمسلم من القيام بمهام الخلافة والعمران في هذا الكون الفسيح.. وفي إطار هذا الموضوع كان لنا الحوار التالي: في البداية سألناه عن الأوضاع المعاصرة والمستجدات الطارئة وأحوال العالم الإسلامي؟ تفرض الأوضاع المعاصرة والمستجدات الطارئة وأحوال العالم الإسلامي في مناحي الحياة المختلفة تحديات ضخمة تستدعي استنفار الجهود على مستوى الفقه والفكر والعمل الدؤوب بغية مواجهة تلك التحديات وإصلاح الخلل الناجم في البناء الداخلي للمسلم فردا أو جماعة وبالطبع فقد أفرزت تلك المستجدات أنماطا جديدة من العلاقات والمتغيرات تتجه في الغالب نحو البعد عن حقائق الإسلام والفقه الإسلامي الذي ظل حاكما وضابطا للعلاقات الفردية والمجتمعية عبر أزمان طوال. ومن بين الإشكاليات الحادثة في صفوف المسلمين، بروز الخلافات بين الجماعة واحتدام الاختلاف والشقاق في أمور عديدة، جلها في مسائل فقهية وبعضها في جوانب عقدية وتصورات مذهبية أحدثت شرخا في البنية الدينية والاجتماعية في العالم الإسلامي عبر أقطاره المختلفة إلى درجة شوهت صورة الإسلام والمسلمين وغيرت الفكرة الأساسية عن هذا الدين الذي يقدم أقوى رباط وأوثق علاقة بين الجماعة الإنسانية. ويكاد المتابع لما يجري في أمة الإسلام أن يُصدم للخلافات وللصراعات بين جماعات وأقطار الأمة الواحدة، وتلك الآراء المتصادمة والمتعارضة التي تتعرض لفقه الإسلام، وكلٌّ يطلب إلى الناس اتباع رأيه والانتصار لموقفه وأنه صاحب الرأي الذي يمثل صحيح الإسلام إلى الحد الذي قد يصور للمسلم أن كل فريق يطلب إسلاما غير الإسلام الذي يقول به الفريق الآخر، فلكلٍّ وجهة هو موليها دون الالتقاء على كلمة سواء، هذا الارتباك بين أفراد وجماعات الأمة يسبب لدى عامة المسلمين حيرة وبلبلة تجر المتخالفين في الشأن الإسلامي على الفروع وبعض مسائل الإيمان إلى تخصيم كل جماعة للأخرى ونعتها بالبدعة والكفر بل التقاتل وإراقة الدماء، وهو ما يتناقض بالقطع مع خيرية هذه الأمة «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله» ويكشف عن البون الشاسع بين أصول الإسلام وسلوك المسلمين. فقد نشب الخلاف بين إخوة الايمان، وأهدرت الدماء المسلمة في العديد من الأقطار الاسلامية بين أبناء القطر الواحد وربما اتسع نطاق الحروب بينهما في هذا العصر على غير مثال سابق، وبات التفرق حتى في العبادات والشعائر- وهو أهم مظهر للتوحد في صفوف الجماعة الاسلامية- مثالا على التفرق والمخالفة في مواقف أفرادها ودولها بسبب غياب قيم إسلامية رائدة كوجوب المناصحة والإخلاص في علاقة الفرد والجماعة والالتزام بأدب الخلاف والتوحد في الشعور والمواقف، كيف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل لله ومناصحة أئمة المسلمين ولزوم جماعتهم فإن الدعوة تحيط من ورائهم». حياة المسلمين ما الموقف من الاختلاف في الماضي والحاضر؟ كان الاختلاف في الرأي في عصر السلف الأول أداة ثراء وتنوع ودليل حيوية وخصوبة للعقل المسلم، وبرهانا على عطاء الاسلام في كل جنبات الحياة ولكل البشر في جميع البلدان والاصقاع التي أشرقت عليها شمس الاسلام، يتحرى به وجه الله وطلب الحق والوفاء بالحاجات والمصالح وغرس الفكر السديد بين الفرد والجماعة، ثم دارت الحياة وحدث ما حدث للعقل المسلم ولأحوال المسلمين داخل أوطانهم وأصيب الفكر والفقه بالجمود والتقليد المذموم وأصبحت حياة المسلمين جدبة فقيرة لا تقدم عطاء الإسلام للحياة والناس، وليست بقادرة على مواجهة الآفات والمشكلات التي حدثت بين أبناء الإسلام وفي حياة المسلمين، وتفجرت الاختلافات وتحولت إلى عداوة وبغضاء بين الإخوة وغاب الحوار فيما بينهم وحل محله التفسيق والتبديع والتكفير. ومنبع ذلك التراجع، التخلي عن القراءة الواعية للمصادر الأصيلة للإسلام من الكتاب والسنة ووقوع المسلم بين فكي الرحى: ما بين التشدد والانغلاق وغلق باب الاجتهاد أمام القادرين عليه، وبين الانفلات والفوضى الفكرية المتحررة. وباتت الساحة الاسلامية حلبة للمصارعة وأرضا خصبة للشقاق والنزاع والتفرق وما بين أولئك الذين حسبوا أن الحفاظ على الاسلام إنما يكون بالتنطع ومعاداة الرأي الآخر المدعوم بالحجة والدليل؛ فساد الهرج وإلقاء الاتهامات بين المختلفين حتى عجزوا عن توحيد الكلمة في مواجهة المستغربين من أبناء الأمة الذين بدت أمامهم صورة الاسلام مشوشة وعاجزة عن الوفاق والاتفاق فيما بين انصاره وغارقة في مماحكات لفظية وحروب كلامية، بل أورثوا الفرقة والانقسام، وقد يصدق عليهم قوله تعالى: «إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون». مداولة ومناقشة ما تعليقك حول الاختلاف والخلاف؟ يتردد الحديث بين لفظ الاختلاف والخلاف كتعبير عما يجري بين المسلمين، وفي الواقع بين الناس مع ان اللفظين من مادة وجذر واحد كما يبدو في تقارب حروف الكلمتين وفي استعمال كل منهما مكان الآخر للدلالة على التقابل في الآراء والأنظار ووقوف أصحابها على موقف يختلف عن الآخر. وإن إمعان النظر في مضمون كل منهما يكشف عن تباين بينهما إذ الاختلاف يكون في إبداء الرأي وعرض وجهة النظر إزاء رأي أو وجهة نظر أخرى في قضية من القضايا هي محل مداولة ومناقشة بين الفرقاء. وعلى هذا الأساس يكون حكم الاختلاف جائزا مشروعا، إذ إنه سنة كونية وطبيعة بشرية وحتمية اجتماعية على ما بينه القرآن الكريم في قوله تعالى: «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين». وقوله تعالى: «وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله» أما الخلاف فإنه يكون مذموما ومحرما لما ينشأ عنه من محذورات وعصبيات تطل برأسها تمزق الصف الإسلامي وتشهر السلاح والمعاداة بين المتخالفين وتوجد الفرقة التي ذمها الله في كتابه الكريم: «إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون». شرائع وقوانين ما شرعية الاختلاف في إطار التنوع والثراء؟ المُشاهَد هو تجذر هذا الخلاف وتعمقه في العصر الراهن فقد ألقى بظلاله على الإسلام والأمة وساهم في تفرقها وتخلفها وخاصة الغفلة والشطط والقصور والانفلات في التعامل مع مصادر الشريعة ونصوصها وتقديس آراء بعض الفقهاء والدوران في فلكها والتعبد بها من فريق من الإسلاميين وكأنها تنزيل من التنزيل، أو طرحها واستيراد شرائع وقوانين أخرى كما يطالب بها المستغربون. وهذه الرؤية التحكمية من جانب البعض لآراء الفقهاء لا تصح في المنظور الذى تعامل به الفقهاء في اجتهاداتهم ومذاهبهم؛ فقد اعتمد الأئمة وأصحاب المدارس الفقهية على استنباط الرأي من النص وشيدوا صروح مذاهبهم على الاجتهادات المنضبطة بالمعايير الفقهية مع ما رزقهم الله من الملكة والاستعداد الذي مكنهم من إبداع تلك الثروة الفقهية؛ لأنها صدرت ممن هو أهل لها ممن توافرت فيه الشروط اللازمة للاجتهاد، وصدرت عن دراية بالنص والواقع، ولم تكن اجتهاداتهم المبنية على البرهان مبناها الاعتساف أو فرض الرأي، إنما قابلية الاجتهاد للصواب والخطأ؛ لذلك ساد في الوسط الفقهي التعددية في الأنظار والآراء والتسليم بحق كل مجتهد في الإدلاء برأيه وتنزيل النص على المسألة المستفتى فيها اعتمادا على أنه: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد». فالكل مأجور لا فرق بين المصيب والمخطئ منهم مع بذل كل فقيه أقصى الجهد وتحري الصواب والتسليم بأن ما توصل إليه هو رأي قد يفوقه رأي غيره كما قال أبوحنيفة: «علمنا هذا الرأي فمن جاءنا بأحسن منه قبلناه». الأخضر واليابس لماذا الاعتصام بأدب الاختلاف؟ أصبح بحث أدب الاختلاف متعينا في ظل التداعيات الهدامة التي يثيرها الاختلاف الحادث بين أفراد وفئات الأمة، بحسبان أن ذلك الاختلاف يهيئ مناخا مواتيا للفتنة التي إن لم توأد في مهدها فإن شررها سيتطاير في كل الانحاء ويوشك أن يأكل الأخضر واليابس إذ تتسم باللدد في الخصومة وبإثارة البغض والكراهية بين المختلفين، وهو ما ذمه الحديث: «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم». وليس الخلاف قائما بين جماعات الإسلاميين وحدهم بل إنه حاصل كذلك بينهم وبين جماعة العلمانيين الذين يريدون تنحية الاسلام عن حياة المسلمين بفعل انحيازهم للفكر الغربي وتصورات للعولمة والحداثة في جوانبها المعادية للدين والهوية الإسلامية مما يزيد من حدة الطائفية والتحزب بين أبناء الأمة ويكرس ألوانا متعددة من الصراع والخصومة بين أبناء الدين والأمة والوطن وهو أمر جد خطير وينذر بعواقب وخيمة. وما دام الاختلاف ضروريا وواقعا بين أفراد الجماعة الإسلامية فإن التعرف على الاختلاف وإلقاء الضوء على دواعيه وبيان المستحسن منه والمستقبح والآداب التي ينبغي أن يتحلى بها أصحاب الرأي والرأي الآخر وكيفية إدارة الحوار والاختلاف بين أفراد وفئات الوطن والأمة يضحي أمرا مطلوبا؛ تطبيقا للقاعدة الشرعية: «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وإن الوسيلة إلى الواجب واجبة». ومن المنطلق الفكري والعملي فإننا بحاجة إلى الاختلاف لإثراء الفكر والرؤى الإسلامية فما أحوج العقل المسلم إلى أن يجدد حياة المسلمين بالفكر الخلاق النابع من الإسلام، والمستمد من أصوله ومصادره الأصلية فهو الوسيلة لإحياء فقه الإسلام وجعله بحق صالحا لكل زمان ومكان وتجديد حياة المسلمين والانعتاق من التبعية والتخلف كما تشهد عليه الحالة الراهنة. على أن هذا الاختلاف يدور في المنطقة القابلة للاختلاف وهي كبيرة لأنها تكمن في تقديم الحلول الشرعية لمشكلات المسلمين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وهي قضايا ضاغطة وملحة، وهذا الاختلاف ناشئ عن الاجتهاد وأهميته لإيجاد الحلول للقضايا الجديدة وهو من مصادر التشريع الإسلامي والسبب في ضرورة الاجتهاد وما يترتب عليه من تعددية في الرأي مرجعه إلى أن النصوص متناهية ومحدودة والوقائع والمسائل غير متناهية ولا محدودة، فآيات الأحكام في القرآن الكريم لا تزيد عن خمسمائة آية من مجموع آيات القرآن الكريم التي تصل إلى 6236 آية. ماذا تقول عن دواعي الاختلاف في الرأي؟ المعلوم والمقرر في أصول الشرع والفقه أن نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة قد جاءت بالأحكام الأساسية التي تنظم بها حياة الناس وتستقيم بها مجتمعاتهم، وأن تلك الأحكام لم تأت على نمط واحد، فهي قد تكون قطعية الثبوت كما هو الشأن في آيات القرآن والأحاديث المتواترة، وقد تكون ظنية الثبوت كما في الأحاديث المشهورة وأحاديث الآحاد. ومن حيث الدلالة فقد تكون قطعية يقينية كما في دلالة بعض الآيات القرآنية والسنة الفعلية المتواترة، وقد تكون دلالة ظنية في بعض آيات القرآن ومعظم الأحاديث والروايات غير المتواترة. هذا المنحى للقرآن والسنة من ناحية قطعية أو ظنية الثبوت أو قطعية وظنية الدلالة هو من دواعي الاختلاف الرئيسة بين الفقهاء؛ لأن رأيهم مستمد من تلك النصوص المتنوعة في الثبوت والدلالة من الآيات والأحاديث، وهما المصدران الرئيسان لاستمداد الأحكام. ومثال ذلك قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى». هو نص قطعي الثبوت من عند الله تعالى وهو شأن آيات القرآن كلها، أما من حيث دلالته على الحكم فهي ظنية في وجوب القصاص حالة قتل الرجل للمرأة، فيرى بعض الفقهاء أن يقتص من الرجل للمرأة للمساواة بينهما في حق الحياة والكرامة الإنسانية، بينما يختلف الرأي الآخر مع ذلك النظر ويذهب إلى أنه لا يقتص من الرجل للمرأة.. والمثال من السنة ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «انه باع قدحا وحلسا فقال: من يزيد» فهو ظني الثبوت وظني الدلالة بالنسبة لجواز بيع المزايدة وهو بيع السلعة بأعلى سعر، مع ما فيها من النهي عن بيع الانسان على بيع أخيه واحتمال التواطؤ فيها بين البائع والمشتري غير الراغب في الشراء بقصد الحصول على أعلى سعر وهو ما يحدث في بيع المزايدة في الزمن الحاضر. المصلحة العامة حدثنا عن ضوابط الاختلاف وآدابه؟ من الثابت في الشرع والاجتماع الإنساني أن الاختلاف سنة كونية وحقيقة اجتماعية، وحرصا على أن يحقق الاختلاف في الاحكام والقضايا أثره الإيجابي في الحلول والتوسعة على الناس في الأمور المصلحية والاحتياجات المعاشية التي هي من مقاصد الشرع وتمكينا للمسلم من القيام بمهام الخلافة والعمران في هذا الكون الفسيح، وضبطا للتدافع والتنافس اليومي بين الناس، وضع الشارع محددات للاختلاف فإنه يتعين على الأطراف المختلفين مراعاة القصد إلى طلب الحق والحرص على المصلحة العامة من وراء إظهار المجتهد أو صاحب الرأي رأيه والمدافعة عنه فهذا أساس مكين على المتجادلين أو المتحاورين في المسألة أن يقصدوه ويبذلوا غاية الجهد والطاقة إليه، فإن القرآن الكريم وكذلك الإسلام قائم بالحق وعلى الحق، دعا إليه، وأمر المؤمنين بسلوك طريقه والاجتهاد في تحصيله بلوغا إليه. وعلى المسلم أن يتأمل في مغزى هذه النصوص: قوله تعالى: «الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان» وقوله تعالى: «وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا» وقوله تعالى: «ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله»، «وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا»، وعليه فإن بلوغ الحق يتطلب الصدق في القول والعمل والتجرد عن الهوى ومجانبة الانحياز إلى الرأي والالتزام بالصدق والعدل، والحق هو القيمة العليا والجوهر الثابت الذي يقوم عليه النظام وتعمر به الحياة على هدي من الشرع الحنيف والعقل الرشيد. وقد رسم الإسلام لبلوغه القول السديد والعمل المخلص الذي يبتغى به وجه الله تعالى، يقول تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا».