أشياء كثيرة نغفل عنها مع أنها من أهم مصادر سعادتنا في الحياة، الكثير منا يناضل من أجل تأمين المال، فكل شيء في الحياة كما يظن البعض يشترى بالمال، مع أن الفقير يحصل على كمٍ هائلٍ من مصادر السعادة دون أن يدفع شيئاً، الناس في المجتمعات الفقيرة يجدون السعادة الحقيقية في أمور أخرى مع قلة المال لديهم أو عدمه، تكاتفهم سعادة، وترابطهم الأسري والمجتمعي سعادة. أقول وبكل ثقة نعم: نشتري الكثير مما نحتاجه للحياة مجاناً، نشتري الحب مجاناً، نشتري راحة البال بدون مال، ونشتري العائلة دون أن ندفع شيئاً، والأصدقاء المخلصين، والوقت الثمين، والكثير من الأشياء النفيسة وجدانياً كلها مجانية. السعادة الذاتية التي تُصنع في ذاتنا وتصنعها مصانع إيجابياتنا وفهمنا الواعي وقناعتنا كلها مجانية. أشياء كثيرة تجعل الحياة رائعة، حتى وإن لم نكن نملك المال الذي يظنه الكثير مصدراً للسعادة. إذا نستطيع أن نملك أكثر جوانب الحياة قيمة وأكثرها نفعاً وأعلاها رقياً بتوفيق الله ورضاه، ولم نشتر شيئاً بالمال. أفضل الأشياء في الحياة مجانية.. يفهمها كل مؤمن بإيجابيات الحياة، فإن فقدنا مصعداً للنجاح، فلم نفقد سلمه، فلنصعد درجة درجة حتى الوصول، فلا يجب أن نؤنب أنفسنا على الفشل ونبحث عن مال نشتري به النجاح الذي هو في الأصل يأتي مجاناً من تكرار المحاولات. لنعط الفشل مسمى خبرة، ولنستعرض خبرات نجاحنا ولو كانت بسيطة، ولنجعل من فشلنا دروسا نكتسبها بطبيعة الحال مجاناً، وفرص النجاح المجاني نستشعر بها الكفاءة والجدارة في أنفسنا، وأمر هام!! احترامنا لأنفسنا يقابله احترام الآخرين لنا، حتى هذا لم ندفع فيه مبلغاً ولم نشتره بثمن. وحتى لا نظلم المال أقول: إن دراسة حديثة توصلت وأجريت في جامعة (بريتيش كولومبيا الكندية) إلى أن الدخل المالي المرتفع لا يرتبط بازدياد مقدار السعادة التي يشعر بها الشخص، ولكنه يرتبط بشعوره بالحزن بشكل أقل. وبحسب الدراسة، المال قادر على شراء «حزن أقل» وفحص الباحثون بيانات 12ألفا تم تسجيل معلومات دخولهم وما قالوا إنهم يشعرون به، ولاحظوا أن الذين كانت مداخيلهم أعلى لم يشعروا بزيادة في السعادة اليومية، ولكنهم سجلوا مقداراً أقل من الحزن يوميا. ونشرت نتائج الدراسة في مجلة علم النفس الاجتماعي وعلم الشخصية. وأحد الأسباب التي اقترحت لتفسير ذلك هو أن المال يساعدك على التعامل مع الظروف السلبية، مثل حدوث خراب في المنزل أو دفع الأقساط الدراسية، ولذلك يؤدي هذا لدرء هذه المنغصات وما تسببه من حزن للشخص. لنبق دائماً في الجانب الإيجابي، حتى لا تحبّطنا السلبيات، ويهمشنا ظلام الهموم، ولنتعامل مع أنفسنا بضمير يقظ حي، فالضمير الحي لا يشترى بمال، فلا نظلم الحياة برغبات ربما لم يهبها الله إيانا لحكمة، ولنحمد الله ولنربط أنفسنا به سبحانه وتعالى ونتوكل عليه، ونثق بأن كمالنا لا ينقص إلا ببعدنا عن الله ولا يستكمل إلا بمعيته جلّ جلاله. حتى المرض يقدم لنا رسائل تنبهنا بضرورة الاهتمام بأنفسنا، لنعطي لأنفسنا الاهتمام الكافي ولأجسادنا الراحة الكافية هذه هي السعادة وبالمجان. عندما نكون واثقين من أنفسنا معناه أننا نحب غيرنا كما نحب أنفسنا ونصفح ونسامح مجاناً، المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام يحثنا على ذلك «ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة: العفو عمن ظلمك». لنثق تماماً أن السعادة لا تشترى بالمال بل تنبع من رضا وقناعة داخلية، ولنحرر أنفسنا من حب المال فلسنا عبيداً له، ولنحظ بروح غنية، فكل من تعلق بالمال أصبح رقيقاً يباع ويشترى، ويصغر شأنه كإنسان حر. أما من استعمله في طاعة الله بكل أنواعها، فنعمه من الله على عباده، قال تعالى: «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا».