الحكم والأمثال هي مصدر إلهام، وقد تكون خارطة طريق لمسيرة المجتمعات بشكل عام، فهي في الغالب خلاصة تجارب وعصارة خبرة وتجربة، وقد قيل إن في التجارب علما مستحدثا، هذه التجارب والحكم تُقدم على طبق من ذهب، من قبل شخصيات وقدوات على مر الزمن، لكل من يرغب في الاستفادة من الآخرين، فالحكمة ضالة المؤمن، ومن تلك الحكم مقولة قيمة وجميلة لأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه-، من «تساوى يوماه فهو مغبون» رغبة في الإشارة إلى أن قيام عمل أو أعمال في فترة زمنية، يتطلب منا زيادة حجم ذلك العمل في الفترة التالية، وإن كان الكلام في الأصل موجها إلى أعمال الخير؛ من أجل الحصول على الأجر والثواب، إلا أنه يمكن تطبيق الأمر على مختلف الأعمال الإنسانية، فصاحب الشركة مطالب بأن يزيد من مبيعاته وأرباحه عاما بعد آخر، وإلا فإنه في خطر شديد، قد يؤدي به إلى الإفلاس، والبائع في عمله مطالب بأن يتطور ويتقدم ويبدع وإلا فإن مصيره الفشل، ويتقدم عليه من يأتي بعده في سلم الأعمال، والناشط في مجال العمل الاجتماعي مطالب بتقديم الجديد بين فترة وأخرى وإلا فإنه سيتراجع ويتخلف عن الركب، ومن ثم سينتهي من ساحة العمل الاجتماعي. وقد صادف أن كنا في حديث قبل أيام عن العمل الاجتماعي في إحدى المناطق، وكان محور الحديث حول التاريخ الماضي لذلك النشاط التطوعي الاجتماعي، وهو تاريخ ناصع وجميل، فتعددت جوانبه وتنوعت أشكالها، وكانت بعض أنشطته فريدة من نوعها، والأولى على مستوى المنطقة، فلم يسبق أن قام بها أحد، ولكننا استحضرنا بعدها واقعنا الحالي، الذي هو أقرب إلى التوقف بل ينذر بالتوقف التام، وما ذاك إلا بسبب تساوي الأمس واليوم في حجم العمل، حيث لا جديد في إطار العمل الاجتماعي، بل نوم على وسادة العمل السابق، دون محاولة لتقديم أي إضافة، وبالتالي تم ضرب أول مسمار في نعش ذلك العمل التطوعي. خلاصة القول.. إننا مطالبون بأن نتقدم في مختلف جوانب حياتنا؛ لأن التوقف يعني في واقع الحال السير إلى الخلف، وحيث إننا في نهاية عام جديد فمن المناسب جدا لنا، وكما هو مقترح في كتب تنمية الذات، وضع خارطة طريق لمجموعة من برامجنا الحياتية؛ من أجل قياس واقعنا السابق، وطموحنا القادم من أجل التطوير نحو الأفضل، وعلى سبيل المثال يمكن وضع جدول لمجموعة من الأنشطة التي نسعى للتغيير فيها، ومنها: جانب التنمية الذاتية، التنمية الروحية، العلاقات، العلاقات الأسرية، الصحة والغذاء، الترفيه، والجانب المالي وغيرها من جوانب الحياة المختلفة، والتي تتركز اهتمامات الفرد عليها، وقد تختلف اهتمامات شخص عن الآخر، وبالتالي نتابع واقعنا في كل قسم من الأقسام في وقتنا الحالي، ونضع خطوة أو أكثر من الخطوات المطلوبة للتقدم في ذلك الجانب، هذه الخطوة ستكون تطبيقا واقعيا؛ للاستفادة من مقولة «من تساوى يوماه فهو مغبون»، التي بدأنا بها مقالتنا، جعلنا الله ممن اتجهت أعمالهم إلى الزيادة يوما بعد يوم، ومن غدهم أفضل من يومهم، إنه ولي التوفيق.