القوى الدولية الكبرى تذرف الدموع على حلب، بعد أن تفرجت طويلا على السوريين وهم يذبحون على أيدي ميليشيات إيران وبأسلحة روسيا. وكان يمكنها وقف المآساة؛ لو التزمت بقيم الضمير الإنسانية وواجبات السلام العالمي. لكنها اختارت أن تفسح المجال لإيران؛ لاستيراد ميليشيات من أنحاء العالم؛ لدعم ميليشيات الأسد، التي بدأت تتهاوى، بل أن القوى العظمى نفسها كانت تسارع لفرض هدن حينما يبدأ الجيش السوري الحر في تحرير أراض جديدة؛ لإعطاء فرصة لميليشيات إيران لتجديد إمكاناتها ونيرانها وطيرانها؛ لتدمير المدن السورية وقتل السوريين. وحلب أبلت في الصمود الأسطوري، فهي طوال العام الماضي وما قبله، واجهت -عزلاء- نيران قوى عظمى وميليشيات متعددة الجنسيات وقذائف من الجو والأرض ليل نهار، في الوقت الذي منعت القوى العظمى أية مساعدة للثوار السوريين بحجج واهية. وسبق أن حذر المجتمع الدولي، روسيا، من دعم نظام خاسر ويحيا على المغذيات الإيرانية. ولا يبدو أن خسارة الجزء الشرقي من حلب هي نهاية المعركة في سوريا، لأن المنطق والتاريخ يؤكدان أن شعبا دفع مئات الآلاف من شبابه ثمنا للعزة والنصر والاستقلال لن يقبل الخضوع مجددا لنظام أمعن في قتل مواطنيه وتدمير المدن وهجر ملايين من شعبه وجلب ميليشيات متعددة الجنسيات لتحتل منازل مواطنيه ومدنهم. وكان يمكن أن تحل المسألة السورية مبكرا، لو لم تتدخل روسياوإيران والتنظيمات الإرهابية الأخرى لإنقاذ الأسد وبيع ملايين السوريين من أجل شخص واحد؛ مما أدى إلى إطالة أمد الحرب ومعاناة الشعب السوري، واستمرار آلة القتل وتصدير إيران لثقافة الطائفية وزرع الخلايا الإرهابية في المدن التي تسيطر عليها ميليشيات الأسد. ومهما حاولت إيران تصوير الانتصار في حلب، فالنظام السوري يأخذ في الترنح والسقوط، فانتصاراته الوهمية التي يخدع بها السوريين لن تطول طويلا، إذ لفظته الأرض السورية منذ سنوات، وما زالت تهتز تحت قدميه وتحت أقدام أعوانه لقاء المجازر الشنيعة التي ارتكبت وما زالت ترتكب بحق الشعب السوري الذي ما زال يناضل، وسيناضل، باستبسال لإنهاء معاناته ورفع الضيم عنه بكل وسائل المقاومة وبرغبته في الجنوح إلى السلام. غير أن التسوية عبر المفاوضات تبدو مستحيلة في الوقت الراهن، لقاء تصعيد النظام الإيراني وميليشياته لاعتداءاته الغاشمة والوحشية ضد أبناء سوريا من خلال القصف بالطائرات والبراميل المتفجرة في السماء ومن خلال قصفه بالدبابات والأسلحة الثقيلة لبيوت السوريين وحصد أرواح المزيد من الأطفال والنساء وكبارالسن العزل من السلاح على الأرض، فالجنوح إلى التفاوض في ظل ما يجري من مذابح كبرى أضحى مستحيلا. وسيعود المجتمع الدولي يوما إلى الحقيقة، التي تصرح بها المملكة يوميا، وهي أن نظام الأسد أضحى غير قادر على الحياة، وقد أزهق أرواح أكثر من 600 ألف سوري منذ نشوب حربه الطائفية الشنيعة ضد السوريين، ومنذ أن صدرت إيران ميليشياتها المتعددة الجنسيات إلى سوريا.