استمر الحديث طيلة الأيام الماضية حول قصيدة الشاعر حيدر العبدالله، وتناولته مواقع التواصل الاجتماعي بحملة ظالمة، بصفته الشخصية تارة، وتارة أخرى عبر نقد قصيدته أو طريقة إلقائه للقصيدة، لم يشفع لهذا الشاعر الشاب الجوائز العديدة التي حصل عليها، والمكانة الشعرية العالية التي تبوأها داخليا وخارجيا، فالشاعر حيدر العبدالله شاعر حصل على بردة أمير الشعراء بأبوظبي عام 2015م، وهو أصغر شاعر يحصل على هذا اللقب، إضافة إلى حصوله على لقب وبردة شاعر شباب عكاظ عام 2013م، كل ذلك لم يكن كافيا ليكسب إعجاب البعض بتلك القصيدة الجميلة، ولا أريد الإسهاب أكثر في الحديث عن الموضوع ذاته، فقد أشبعه بحثا الكثير من الكتاب والشعراء، وتناولوا تلك القصيدة وكذلك الشاعر بالمدح والثناء، وانتقدوا الهجوم الغريب والعجيب له وللقصيدة ممن لا يفقه في الشعر شيئا في الغالب. وقد كان النقد في مسارين، أحدهما: أخذ منحى السخرية والتجريح. إن ما حدث يجب النظر إليه من منظار اجتماعي، وكقضية اجتماعية لا بد من التروي في تناولها، فهي ليست عملية حسابية بسيطة، بل هي ظاهرة، تشكلت عبر سنين عديدة وربما أكثر من ذلك، وبالتالي فإن معالجتها تحتاج إلى وقت، وتحتاج كذلك إلى صبر؛ لأننا في واقع الحال نتعامل مع بشر له أحاسيس وانطباعات وأسلوب حياة، تشكل مع مرور الزمن. لذا، فإنني أريد أن أتناول الموضوع من منظور مختلف، حيث أعتبر ما حدث أعراضا لأمراض مجتمعية، وعلينا جميعا أن نتعاون لعلاج تلك الأمراض، علينا جميعا كأفراد وآباء ومدرسين وكتاب ومثقفين ومفكرين ودعاة، وكذلك علينا كمسئولين، أن نتعاون لعلاج تلك الأمراض، فالقضية واسعة ومتجذرة وتحتاج إلى جهد للعمل على حلها، ومن الضروري القيام بخطوات أخرى؛ لتساهم مع الأنظمة والقوانين في محاصرة هذا المرض، وعلى سبيل المثال: فقد عُقد في الأسبوع الماضي بالرياض، لقاء «التعايش المجتمعي»، تحت عنوان (التعايش الوطني وأثره في تعزيز اللحمة الوطنية)، الذي نظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وسيليه لقاء آخر في جيزان، بمثل هذه المبادرات وبالقوانين المختلفة سنحاصر هذه الظاهرة. أما ظاهرة السخرية والتجريح، وللأسف الشديد فإن هذا الأسلوب منتشر بشكل كبير حتى بين الأقربين، فقد يسخر الأب من ابنه أو الأخ من أخيه، والصديق من صديقه، بل قد يصل الأمر إلى التجريح الذي يُسقط شخصية الطرف الآخر، كل ذلك من باب التسلية والضحك - في كثير من الأحيان - إلى أن وصلنا إلى مرحلة العادة المتأصلة في مجتمعنا، وهذا ما حصل من قبل قسم من المنتقدين للشاعر حيدر، فبدلا أن يكون نقدهم بناء، فقد كان جارحا وقاسيا وهداما، كلنا أمل أن يتجاوز مجتمعنا هذه الأمراض ويتعافى منها، بجهود كافة الخيرين، حيث إن وطننا يحتاج إلى الكثير والكثير من سُبل البناء ومصادر القوة، وسنصل إليها بإذن الله.