كل لحظة إنجاز هي عيد ميلاد، وكل لحظة نجتاز بها مأساة ما، هي عيد ميلاد، كل فرصة هي ميلاد وكل ساعة ينبغي أن تكون ميلادا، وإن اكتفينا في حياتنا الفانية على عجل بالاشارة الى تاريخ ميلاد واحد فهذا معناه أن حياتنا ضاعت دون منجز أو معرفة أو تجربة. كل لحظة نذعن من خلالها للواقع هي لحظة توقف عقارب الساعة عن الحركة. يقول الشيخ سلطان القاسمي: «في اليوم اربع وعشرون ساعة، نرمي منها ستا، ثم ساعتين للأكل، ثم هذه الساعات الباقية، أقول لكم لا بارك الله في ساعة لا تشرفك، فالساعة التي لا تشرفك ليست جزءا من حياتك، وهي الساعة التي ضاعت دون أن تنجز فيها شيئا». دائماً أحرص مع من أحب من أبنائي أو طلبتي أو زملاء العمل أن يعملوا ما يحبون، ويحبوا ما يعملون، لانه دون وجود حماس Passion للعمل فلن يرتقي المنجز لمستوى مشرف أو غير مسبوق، بل سيكون حلقة ميتة من سلسلة روتين يومية. أنا لا أتحدث عن «ساعة الموظف أبو ساعة» لكني أتحدث عن تقدير ساعات اليوم الذي نقضي ثلثه في مدارسنا وأعمالنا وينبغي أن تكون موجهة ومؤثرة، عداها فهي ليست ساعات شرف، وإنما ضياع لدقائق عمرنا، التي لم نحسن التخطيط لها. أكتب هذه الكلمات وأنا أعد العدة لطرح ورقة علمية في جامعة أكسفورد ببريطانيا عن مبادرة تطوير مخرجات كليات المجتمع ومواءمة الخريجين لسوق العمل وفق رؤية المملكة العربية السعودية 2030. المبادرة البحثية حظيت على موافقة وإشادة اللجنة العلمية للمؤتمر بالاجماع، مع الموافقة غير المسبوقة في عرضها بمؤتمرين مختلفين! الغريب في الأمر أن سياسة تقنين الانفاق في الجامعات السعودية حين بدأت كانت مع وعود عدم المساس بميزانية البحث العلمي، لكن كل الوعود تبخرت وأول ما تم التضحية بميزانيته هو البحث العلمي رغم أهميته في التصنيف الدولي وعلاقته الوطيدة بمحاور رؤية 2030. لهذا سأضطر غير آسفة للاستغناء عن راتب أو اثنين حتى يتم تمحيص هذه المبادرة من قبل جامعة عريقة كأكسفورد ولربما بعدها يتم تبني الفكرة. وقد أكون كما يقول القامة الأستاذ عبدالله الغذامي، ألتفت فأجدني أفخر بهذه الابحاث التي تخدم المجتمع والوطن وإن كانت خارج تخصصي أو لا تحسب لي أكثر من فخري بأبحاثي التخصصية. أنا وغيري كثير سنظل في ميادين الشرف نقف ساعات طوالا ونحمل سعوديتنا وآمال التغيير والتطوير ودعم أبنائنا الخريجين ومقاومة هموم بطالتهم بكل ما أوتينا من علم أو مال أو قوة لئلا تكون ساعاتنا ساعات جبن أو تردد لا تشرفنا.