تعتبر زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «يحفظه الله» الأخيرة للمنطقة الشرقية، أحد الفتوحات التنموية التاريخية التي تؤسس لانطلاقة اقتصادية واستثمارية متقدمة لبلادنا، في إطار رؤية السعودية 2030 وبرنامج التحول الوطني وتوطين الصناعات والتقنيات في المجالات الصناعية الأساسية، وذلك من واقع المشاريع الضخمة، كما ونوعا، التي افتتحها «يحفظه الله» أو وضع حجر أساسها، لتسهم في تطوير قدراتنا الاقتصادية وتضع بلادنا في المسار الذي يتفق مع طموحاتنا وتطلعاتنا وآمالنا، حاضرا ومستقبلا. تلك المشاريع تجسّد الرغبة والإرادة الوطنية القوية في مواجهة التحديات والعبور بالاقتصاد الوطني إلى بر الأمان، في ظل ما يواجه الاقتصاد العالمي من أخطار الركود والأزمات التي تعصف به، وتؤثر بلا شك في جميع الاقتصاديات الدولية خاصة المؤثرة، ومن بينها المملكة، التي تعتبر أحد أعضاء مجموعة العشرين الكبار في العالم، وطالما هناك تداخلات اقتصادية فلا بد وأن يحدث تأثير على المسيرة الاقتصادية، ولكن كيف نقلل من السلبيات ونواجه التحديات؟ ذلك يتم بمثل فكر وقيادة ملكنا، من خلال إرسال رسالة للعالم بأسره من المنطقة الشرقية بافتتاح تلك المشاريع العملاقة، ومحتوى تلك الرسالة أن اقتصادنا بخير ويمضي في عملية النمو بقوة واقتدار وانفتاح على كثير من الحلول الناجعة التي ينتجها العقل السعودي. مشاريع الخير والبركة التي دشّنها خادم الحرمين الشريفين تنوعت بما يعمل على تعدد خياراتنا، وبناء المستقبل بأفق أكثر اتساعا يحتضن تطلعات الأجيال، ويعزز ويرسخ القيمة الوطنية لديهم بأن قيادة بلادهم تواصل المسيرة التنموية بكل جهدها، وتبذل أقصى وسعها من أجل خير مواطنيها في جميع المناطق، وتعبر جسور التحديات بكل قوتها، فإطلاق مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء» التابع لشركة أرامكو السعودية، يستهدف تأسيس القواعد المعرفية والعلمية لمجتمع وشباب المملكة، فهو صرح معرفي وثقافي فريد لتشجيع الإبداع والابتكار والتواصل مع مختلف الثقافات والحضارات وتعزيز جهود المملكة في بناء اقتصاد قائم على المعرفة، الى جانب التعاطي مع التقنيات الحديثة لدى الأجيال الجديدة. ذلك المركز المتقدم يعمل على تنمية مجتمع المعرفة، وتعزيز الاستثمار في ميل أفراد المجتمع الفطري إلى الاستطلاع والاستكشاف والتعلُّم، إلى جانب إيجاد فرص اقتصادية من خلال تطوير جيل من المفكّرين المبدعين والمبتكرين في المملكة، وتوفير فرص اقتصادية غير محدودة، تنتج عن الأفكار والإبداعات والابتكارات المتوقعة. وهكذا نواكب الاقتصاد الحديث الذي يعتمد على التقنية فيما يعرف باقتصاد المعرفة ونضع بذوره وبنيته التحتية، وتعريف الشباب به وبقيمته العالية مستقبلا لأنه الخيار الاقتصادي الحاسم في حركة الاقتصاد العالمي، وبلادنا لا تتخلف عنه، والى جانب جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية فإن المركز يؤدي دورا فاعلا ومهما في تعزيز الاقتصاد المعرفي في مسيرتنا التنموية باتجاه المستقبل. على صعيد المشاريع التي تسهم في التنويع الاقتصادي والانفتاح على الأسواق الدولية في المجال النفطي والمشتقات النفطية، فقد رعى خادم الحرمين الشريفين افتتاح عدد من مشاريع إنتاج الزيت والغاز التي تسهم في تحقيق رؤية المملكة 2030 من خلال تهيئة المناخ لاستدامة التوسع والتنويع في اقتصاد المملكة وزيادة قدراتها، والتمكين لتأسيس قطاع طاقة وطني قوي ومنافس، وسوف تعزز أرامكو السعودية، من خلال هذه المشاريع، مكانتها لتصبح أكبر شركة متكاملة للطاقة والبتروكيميائيات في العالم، ومنها حقل منيفة، ومشروع معمل الغاز في واسط، حيث تمكنت أرامكو السعودية في هذا المشروع من زيادة طاقة معالجة الغاز في المملكة، وكذلك مشروع توسعة حقل خريص وزيادة إنتاجه، فقد ساعد اكتمال هذا المشروع على زيادة طاقة إنتاج النفط الخام في أرامكو السعودية، ليحافظ على مكانة المملكة باعتبارها من أكبر موردي النفط والغاز في العالم وأكثرهم موثوقية، وكذلك توسعة حقل الشيبة، وتدشين عدد من المشاريع في الجبيل الصناعية. ويضاف الى ذلك المشاريع الإسكانية في الأحساء، لنصبح أمام هذه المشاريع في أفق يمتد بعيدا في المستقبل. وذلك جدير بأن نؤكد الولاء للقيادة وتجديد العهد كلما امتدت تلك اليد الكريمة لافتتاح أو تدشين أو وضع حجر أساس لمشروع يعتبر رصيدا تنمويا لكل مواطن سعودي يفخر بقيادة ملكه، ووطنه الذي ينهض ويتقدم ويواصل ملحمته التاريخية دون توقف. وقياسا بظروف وأوضاع الاقتصاد العالمي، فإننا بالفعل أمام معجزة سعودية قياسية وتاريخية، فكثير من اقتصاديات دول العالم أصابها الركود والانكماش وتوقفت عن مشاريعها، فيما تواصل بلادنا مسيرتها وتحقيق رفاهية مواطنيها وفقا للخطط والفكر الاقتصادي والتنموي الراشد والحكيم.