قام مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي في ارامكو بكل ما يتطلبه تنظيم «أيام الفيلم السعودي» في لوس أنجلوس في الثالث والرابع من نوفمبر الجاري، عرض خلالهما ستة أفلام في دار باراماونت وآس أوتيل. وما لا ينبغي إغفال ذكره في هذا السياق حرص مركز الملك عبدالعزيز على دعم صناعة الفيلم والمسرح كما يظهر في رعايته لمهرجاني المسرح وأفلام السعودية اللذين ينظمهما فرع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالدمام. والمأمول أن يتضاعف ويستمر دعم المركز للحراك الفني والثقافي، وتتسع رقعته بحيث لا يكتفي بالمهرجانين. إن تنظيم المركز لأيام الفيلم السعودي في لوس انجلوس يُشَجِعُ على مطالبته بمضاعفة اهتمامه بصناعة الفيلم بتنظيم أيام أو أسابيع في المناطق للاسهام في تجذير «الحالة السينمائية»، وتهيئة الظروف لجعل مشاهدة الفيلم المحلي متيسرة لمحبي السينما. فالحقيقة التي قد لا يختلف عليها اثنان هي أن علاقة «الفيلم السعودي» بالداخل من ناحية عرضه ومشاهدته ضعيفة جدا مقارنة بعلاقته بالخارج، حيث يسجل حضورا دائما ولافتا في المهرجانات السينمائية الاقليمية والعالمية. إن «الفيلم السعودي» ليس غريبا على لوس انجلوس، وأيامه الأخيرة في باراماونت لن تكون الأخيرة، وقد رأت لوس أنجلوس نماذج منه من قبل، وإن بصفة فردية، أذكر على سبيل المثال مشاركة المخرج محمد السلمان بفيلمه «قاري» في مهرجان الفيلم المستقل الدولي، وفوزه بالجائزة الذهبية. الفيلم السعودي/المحلي في حاجة إلى أن ينفتح له وأمامه المزيد من فضاءات العرض في الداخل ليؤكد وجوده ويضرب بجذوره في عمق الأرض، وليخلق له جمهورا، بالإضافة الى الحد من تحوله الى ظاهرة مهرجاناتية، وهو بالفعل كذلك الآن؛ فنظرا لقلة المهرجانات أو صعوبة العرض في الداخل، فقد أضحى حضوره في الخارج هو القاعدة، فهو في حالة مستمرة من الارتحال من مهرجان والنزول في رحاب مهرجان آخر، إلى درجة ان توقيت إنتاجه يحدد وفقا لرزنامة مهرجانات الخارج. استدعيت في كتابة سابقة بعض ما قاله كون هالوهان عن المهرجانات وكونها ملاذا للأفلام القصيرة ولهواتها وعشاقها بسبب انغلاق صالات العرض التجارية والأمكنة الأخرى أمامها. الحقيقة أن الوضع اسوأ من ذلك بكثير بالنسبة للافلام القصيرة المحلية التي تصنع في واقع يعاني الانقسام والتناقض والتأرجح بين الرفض والقبول في موقفه من السينما. لكن لا ينبغي أن يؤدي هذا الى الاستسلام للظرف الضاغط أو اتخاذه ذريعة للهروب الى الخارج. ف«الشرعية» الكاملة للفيلم، كما هو الحال بالنسبة للمسرح، لا يمكن انتزاعها وترسيخها عبر الحضور الكثيف والدائم في المناسبات السينمائية الخارجية، بل بالعمل على تقوية وتوسيع مساحة التقبل للفيلم كيما تنحسر تدريجيا مساحة الرفض و«الممانعة» في الداخل. وهذان الشيئان لن يتحققا في حال استمرار الظاهرة المهرجاناتية، والاكتفاء بالحضور المحلي في مهرجان أفلام السعودية، الذي هو بحاجة الى روافد مؤازرة له. لن ينتزع الفيلم «شرعيته» الكاملة بالحضور الموسمي داخليا، أو من على بعد، إنما بالحضور المستمر في مكان إنتاجه، وبالإصرار على انفتاح المزيد من فضاءات العرض أمامه. صحيح أنه لم يعد «لقيطا» في الداخل، كما قالت صحيفة (اليوم) قبل سنوات، إلاّ أنه لم يُضَفْ الى «بطاقة العائلة» بعد!