تلقفتْ إيران طموح الحوثيين في الوصول إلى السلطة في وقت مبكر، وتحديدا في عهد الحوثي الأب بدر الدين الحوثي الزعيم الروحي لما يُسمى بأنصار الله، وصولا إلى ابنه حسين، وفتحتْ معهما كل خطوط الاتصال مستغلة خلافهما بادئ الأمر مع نظام علي صالح في صنعاء، حيث اشتغلتْ على تسليحهم لخوض غمار ما سُمّي بالحروب الست بيدٍ، مع محاولة جرّهم أيديلوجيا إلى مفهوم التشيع الصفوي الذي يُعادي كل ما هو عربي وإسلامي باليد الأخرى. في تلك المرحلة كانتْ طهران تعمل بكل طاقتها على استنساخ تجربتها في جنوبلبنان في شمال اليمن، حينما أسستْ أفواج المقاومة اللبنانية، وبعد أن احترقتْ أوراقها في الحرب، أنتجتْ من رحمها حزب الله الذي اختطف لبنان على كل الأصعدة، لكن لم يكن أكثر اليمنيين تشاؤما يعتقد أن تجربة لبنان ستنجح في اليمن لأسباب عديدة، وهي البعد المنهجي ما بين الزيدية والجعفرية الإثنا عشرية، ثم صفاء الدم العربي في حاضنته الأولى، حيث وقع الحوثيون في شرك ولاية الفقيه، وتحوّلوا إلى مخلب قط في يد حكومة الملالي، وإلا من كان يُصدّق أن يجرؤ اليمنيون الزيديون على أن يرسلوا صاروخا باليستيا إلى حرم الله الآمن في مكةالمكرمة، وهو صاروخ «بركان واحد» الذي تصنّعه المؤسسة العسكرية في إيران؟. هذا الانتهاك الصارخ لحرمات الله، ليس من عقيدة اليمانيين، لا شوافع ولا زيدية، ولا يُمكن أن يتجرّأ أي يمني لم تتلوث عقيدته بأوضار الصفوية أن يأخذ في ذمته خطيئة بهذا الحجم، إلا أن يكون قد باع نفسه وعقله وضميره للولي الفقيه في طهران مقابل حفنة من المال، ليفقد صوابه، ويرسل الصواريخ الصفوية إلى أقدس مقدسات المسلمين، وهي الحماقة التي لم يتجرأ عليها سوى أعداء الإسلام، بصرف النظر عن خيبة هذا المسعى بإسقاط ذلك الصاروخ على أيدي القوات الجوية السعودية الباسلة قبل أن يبلغ غايته، لأن دلالة ارتكاب هذا الفعل البغيض تجعل الجميع يُدرك أن الحوثيين ومن خلفهم إيران باتوا «أنصارا للشيطان»، وليسوا «أنصار الله»، إذ لا علاقة لهم بالاسلام الذي يعتمّون بعمّته، ويردّدون بعض آيات كتابه، لأن من يؤمن بالإسلام لا يُرسل الصواريخ البالستية إلى قبلته، وأطهر وأشرف مقدساته، لكنه الفكر الصفوي الذي يُدلّس باسم الدين في محاولة دنيئة لتصفية حساباته مع الأمة بتوظيف أمثال هؤلاء من الحوثيين الذين باعوا الدين والوطن والضمير لإيران طمعا في السلطة، وفوائض أموال الخمس، لتستغل سذاجتهم، وتدفعهم لإعلان حربهم على أمة الإسلام بضرب الحرم الشريف على مرأى العالم الإسلامي، فيما تتنصّل هي من هذه البشاعة لتلقيها على كاهل هؤلاء العصابيين، ولكن.. يشاء الله بهذا الفعل الشنيع أن تتكشف النوايا الإيرانية ونوايا من يقف في صفها من المنتفعين منها، ليؤكدوا بصاروخهم الذي اقتفوا فيه أثر أبرهة، وأرادوا به مكة.. أنهم ألدّ أعداء الإسلام، وأكبر محاربيه، لتتجلى الحقيقة أمام الملأ بهذه القارعة مما يدل على فشلهم، وبحول الله سوف يرد كيدهم ويحبط أعمالهم.