أغلق سوق الأسهم السعودية على ارتفاعات لافتة بلغت نحو 284 نقطة أي بنسبة 5% وهي نسبة لم يحققها السوق منذ شهر يناير مطلع هذا العام وذلك بفضل الارتفاعات القوية على قطاع المصارف والخدمات المالية، ويبدو أن تغطية السندات السيادية للمملكة والتي بلغت 17.5 مليار دولار في وقت قياسي كان له دور كبير في هذا التحسن الواضح على أسهم البنوك السعودية والتي تعاني من مشاكل في السيولة وتحصيل القروض، بالإضافة إلى تراجع دخل الاستثمارات غير المباشرة في السوق العقارية والتي اعتمدت عليها المصارف طوال السنوات الماضية حتى أصبحت تشكّل حيزاً مهماً في أرباحها السنوية. لكن في اعتقادي أن ما حصل من ارتفاعات ما هو إلا ردة فعل على خبر مهم وجيد للاقتصاد السعودي والقطاع البنكي جزء منه....لكنه يبقى خبرا، أما الأسباب التي جعلت المصارف تنزف بقوة خلال الأسابيع القليلة الماضية فهي لم تُحل حتى الآن، وهذا قد يجعل القطاع يعود إلى المسار الهابط من جديد لكن هذه المرة أقل حدة من المسار السابق؛ لأن دخول أموال السندات إلى المملكة سيجعل المصارف تبدأ بحل مشاكلها وخاصةً مشكلة الاقراض الداخلي بين البنوك وهذا سينعكس إيجاباً بالطبع لكنه يحتاج المزيد من الوقت. أما من حيث السيولة فقد بلغت للأسبوع الماضي حوالي 16.1 مليار ريال مقارنةً بنحو 13.3 مليار ريال للأسبوع الذي قبله، وهذا الارتفاع في السيولة يعني المزيد من القوة للارتداد الحالي وإشارة إلى انه قد يسجل المؤشر العام قمة جديدة هذا الأسبوع ستتخطى حاجز 6000 نقطة بقليل. التحليل الفني من الملاحظ على المؤشر العام للسوق أنه بعد أن ثبت فوق المستوى المحوري 5800 نقطة لأسبوعين فإنه أعطى المزيد من الثقة للسوق للاستمرار في المسار الصاعد، وهذا أحد أهم أسباب قوة العطاء خلال الأسبوع المنصرم ليتجه بعد ذلك إلى مقاومات 6000 نقطة ثم 6170 نقطة والتي قد ينتهي عند إحداها الارتداد الحالي ويعود السوق لاستئناف المسار الهابط من جديد، وفي خضمّ هذه التحركات لا بد أن لا ينسى المتداول الكريم أن المسار الرئيسي هو مسار هابط يزداد سوءًا كلما بقي دون 5800 نقطة ويزداد تحسناً كلما بقي فوقها. أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية لم يواكب الارتفاعات القوية التي رافقت المؤشر العام خلال الأسبوع المنصرم واكتفى بتذبذب ضيق لم يتجاوز 90 نقطة فقط، وربما أن المسار السلبي الذي بدأت تظهر ملامحه على أسواق النفط كان له الأثر الأكبر في عدم تحسن أداء القطاع ليبقى محصوراً بين مقاومة 4600 نقطة ودعم 4350 نقطة. أما قطاع الاسمنت فيبدو حتى الآن أنه ما زال رهينة للمسار الهابط والذي أصبح متحكماً في حركة القطاع وهذا ما أفقده أكثر من 32% من قيمته السعرية منذ بداية العام نتيجة المصاعب الجمة التي تمر بها شركات الاسمنت السعودية خلال الفترة الراهنة، واعتقد أن القطاع سيظل يسير على هذا النحو ما دام يتداول دون مستوى 3360 نقطة والتي باختراقها قد يدخل القطاع في مرحلة التعويض. أما من حيث القطاعات الإيجابية لهذا الأسبوع فهي الطاقة والزراعة والاتصالات والتأمين والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والتطوير العقاري والنقل والفنادق. في المقابل أجد أن الأداء السلبي قد يضغط على قطاعات التجزئة والتشييد والبناء والاعلام. أسواق السلع الدولية يبدو أن زيارة وزير النفط الروسي ورئيس فنزويلا للرياض الأسبوع الماضي لم تسفر عن تفاهمات حيث كانت التصريحات بعد تلك الزيارات ضبابية وغير واضحة المعالم، وهذا انعكس بالطبع على تحركات أسعار النفط خلال الأسبوع المنصرم حيث بدأت الأسعار بالتراجع بشكل واضح، فخام برنت فقد الدعم الأول له عند 51.50$ وخام نايمكس فقد دعمه الأول عند 49$ وتلك التراجعات فنياً هي تهيئة للمسار الهابط ويتأكد ذلك إذا ما ارتدت الأسعار لتكوين قمم هابطة خلال الأيام القليلة القادمة، وهذا يتزامن مع تسارع رفع الدول المنتجة للنفط لإنتاجهم اليومي وكأنهم في سباق مع الزمن حسبما توضح التقارير اليومية. واعتقد أن الدول المنتجة تريد أن تصل إلى أعلى مستوى إنتاج ممكن قبل اجتماع نوفمبر المقبل في فيينا، وهذا يوحي بأن الدول تجهّز نفسها لاتخاذ قرار بتجميد الإنتاج لكن هذا الأمر سيجعل الفارق بين العرض والطلب في السوق الدولية يزداد مما سيجعل قرارهم بلا فائدة وسيضغط على أسعار النفط بشكل أكبر. من جهة أخرى أجد أن أسعار الذهب لا زالت تحترم دعم 1250$ وهذا أمر إيجابي لكن طريقة صعود المعدن الأصفر توحي بأن ذلك الدعم سيتم كسره، وسيتجه نحو الدعم الأهم عند 1200$ واحترام هذا الأخير سيدفع بالأسعار للصعود بشكل لافت وربما يترافق ذلك مع أزمة سياسية أو اقتصادية سيكون الذهب هو المستفيد الأكبر منها. أسواق الأسهم العالمية ما زال مؤشر داو جونز الصناعي في مسار أفقي للأسبوع السابع على التوالي حيث إنه لم يكسر دعم 17950 نقطة ولم يخترق مقاومة 186 نقطة. فنياً هو في حالة من التهيئة للدخول في مسار هابط رئيسي يستهدف مستوى 17500 نقطة كمرحلة أولى لكن لا بد أن لا ننسى أن الانتخابات الأمريكية لم يتبق عليها سوى أيام معدودة، وربما هذا هو أحد أهم الأسباب الذي تجعل السوق الأمريكي الأشهر في حالة من الضبابية وعدم اليقين وذلك لانتظار نتيجة الانتخابات. أما مؤشر الفوتسي البريطاني فهو بدأ بإعطاء بعض الإشارات السلبية التي توحي بأنه سيدخل في مسار هابط رئيسي بعد أن فشل في اختراق مقاومة 7100 نقطة، ومما يدعم هذه النظرية هو احتمال دخول الجنيه الاسترليني في مسار صاعد قوي قد يعود بالضرر على أسواق الأسهم والعقارات، بالإضافة إلى توجه المستثمرين إلى الخروج من بريطانيا بسبب توجه الدولة إلى رفع الضرائب، هذا بالإضافة إلى تداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي والذي ستبدأ بريطانيا محادثاته بعد عدة أشهر. ويتأكد دخول سوق لندن في مسار هابط بكسر دعم 6650 نقطة.