بعد موجة تصحيح عنيفة هي الأقوى على سوق الأسهم السعودية منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2008م خسر المؤشر العام حوالي 1304 نقاط أي بنسبة 12% تقريبا، وكانت تلك الخسارة متوقعة بعد الإشارات الفنية التي ظهرت على أداء السوق قبل إجازة عيد الأضحى المبارك لكن لم يكن من المتوقع أن تكون تلك الخسارة بتلك القوة وفي ذلك الوقت القياسي والذي لم يتجاوز أسبوعا واحدا فقط، فبالمقارنة مع أقرب خسارة قوية للسوق والتي حدثت أثناء الثورة المصرية العام 2011م خسر السوق مثل تلك الخسارة، ولكن كان على مدى ثلاثة أسابيع وليست أسبوعا واحدا، لكن قد يكون ذلك جيداً للمستثمرين إذا كان التصحيح قد انتهى فعلاً، وأن السوق بصدد بداية موجة صاعدة جديدة لكن من وجهة نظري من المبكر إطلاق مثل ذلك الحكم الآن والجزم به. أما السيولة المتداولة للأسبوع الماضي فقد اكتفت بمستوى 41.6 مليار ريال أي أكثر من الأسبوع الأخير قبل الإجازة بحوالي 9.6 مليار ريال، والذي يحلل هذه السيولة يجد أن النزول كأنه في مسار هابط رئيسي وليس مجرد تصحيح لكن ما يدفعني للاعتقاد بأن المسار الحالي للمؤشر العام هو تصحيح فقط أن الأسبوع الأخير قبل الإجازة عادةً ما يشهد تراجعات في السيولة، بالإضافة إلى أن الناظر إلى سيولة أسابيع موجة الصعود السابقة يجد أن السوق كان يصعد بسيولة أسبوعية تراوحت بين 41 - 61 مليار ريال لذلك، فالتراجعات على قوتها لم تكن أكثر من الصعود السابق وهذا من صفات موجات التصحيح، وربما أفسّر ارتفاع سيولة الأسبوع المنصرم بحالة الذعر التي أصابت المتداولين جرّاء ذلك النزول المظلّي والذي لم نشهد له مثيلا إلا في حالات الأزمات وقد يكون لتسييل بعض شركات الوساطة لمحافظ التسهيلات دور في ارتفاع السيولة البيعية. أهم الأحداث العالمية شهد الأسبوع الماضي وصول أسعار النفط لمستويات دعوم تاريخية، أتوقع أن تشهد منها أسعار الذهب الأسود موجة ارتداد صاعد بعد سلسلة من التراجعات استمرت حوالي خمسة أشهر، فخام برنت وصل لمستوى دعم 84 دولارا للبرميل مما جعله يرتد ليغلق يوم الجمعة الماضي على مستوى 86.16 دولار وقد يستمر ذلك الارتداد هذا الأسبوع أيضا. كذلك خام وست تكساس شهد نفس السيناريو بالضبط، فبعد أن نجح في التماسك فوق دعم 81 دولارا أغلق في نهاية جلسات الأسبوع الماضي على مستوى 82.75 دولار، وهو ما يوحي بأن سلسلة الخسائر قد توقفت بشكل مؤقت وأن فرضيّة الارتداد أصبحت هي الأقرب للحدوث حاليا. أما أسعار الذهب فقد بدأت بالارتداد بالفعل بعد أن اصطدمت بمقاومة 1،180 دولار للأوقية، وهو ما دفع بالأسعار للارتداد صعوداً ليغلق المعدن الثمين في نهاية الأسبوع على مستوى 1،238 دولار، وأرجّح استمرار ذلك الارتداد حتى مقاومة 1،335 دولار وهي النقطة المفصلية للذهب، فتجاوزها يعني مواصلة الصعود بشكل أكبر أما الفشل في ذلك فيعني العودة لنقطة الدعم السابق. أهم الأحداث المحلية من المنتظر أن يبدأ اليوم ولمدة أسبوعين اكتتاب البنك الأهلي التجاري والذي حددت جمعيته العمومية سعر 45 ريالا للسهم كسعر اكتتاب، وقد شهد هذا الاكتتاب حالة جدلية بين أوساط المتداولين بعد تحريم كافة العلماء للاكتتاب ما عدا اللجنة الشرعية الخاصة بالبنك، وكان آخرها طلب الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي الديار السعودية لمؤسسة التقاعد بعدم الاكتتاب في البنك لحرمته، وبهذا الأمر جعل العلماء أمر الاكتتاب بين يديّ المكتتبين، والذي أظهرت بعض الإحصائيات رفض أغلبيتهم لهذا الاكتتاب خوفاً من الوقوع في الحرام، وهذا من شأنه أن يضع متعهدي التغطية وهما GIB capital وشركة HSBC السعودية في موقف حرج، فهما المعنيّان بإكمال شراء ما تبقى من أسهم لو لم يتم الاكتتاب في كامل الكمية المطروحة. التحليل الفني بالنظر إلى المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية أجد أنه قام بكسر العديد من المقاومات الهامة خلال الأسبوع الماضي لكنه تمكن من الثبات فوق دعم مهم جداً هو 9،300 نقطة، والذي كان السوق سيفاقم من خسائره خلال هذا الأسبوع أيضاً لو تم كسره والإغلاق دونه لكن قوة عمليات الشراء عند ذلك الدعم المذكور جعلت السوق يقلص من خسائره خلال جلسة الخميس الماضي. أما من حيث المتوقع حدوثه مطلع هذا الأسبوع فأتوقع أن يواصل السوق ارتداده الصاعد حتى مشارف 10،000 نقطة، والتي من المهم جداً أن يغلق السوق فوقها خلال الفترة القادمة حتى تزداد احتمالية العودة فوق مقاومة 10،470 نقطة. لكن العودة دون 9،300 نقطة تعني أن السوق سيواصل هبوطه وهذه المرة قد يفقد مستوى 9،000 نقطة والذي ظل المؤشر العام محافظاً عليه طوال العام الحالي. ومن حيث القطاعات فأجد أن قطاع المصارف قد أغلق جلساته للأسبوع المنصرم تحت دعم 20،300 نقطة، وهذا الأمر سلبي بلا شك ويزيد من احتمالية مواصلة الهبوط لو أغلق جلسات هذا الأسبوع أيضاً تحت ذلك المستوى ليتجه بعدها للدعم الأخير عند 19،300 نقطة والذي بكسره يتأكد استمرار المسار الهابط الحالي. في المقابل أجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية لم يكن بأفضل حالاً من سابقه، حيث إنه كان المتضرر المباشر من بين القطاعات المدرجة بنزول أسعار النفط لكنه تمكن خلال جلسة نهاية الأسبوع من الإغلاق على دعم 7،430 نقطة، وهو بمثابة الدعم الأخير له خلال الفترة الراهنة؛ لذا فمن المهم أن يثبت فوق ذلك الدعم حتى يتمكن من الارتفاع خلال هذا الأسبوع وتقليص الخسائر التي مني بها خلال الأيام الماضية، وإذا ما نجح في ذلك فإنه من المرجح أن يلامس مقاومة 8،000 نقطة. أما من حيث القطاعات الإيجابية لهذا الأسبوع فهي الاسمنت والتجزئة والزراعة والطاقة والتأمين والاتصالات والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والتطوير العقاري والنقل والإعلام والفنادق والسياحة. من جهة أخرى أتوقع أن يشهد قطاع الاستثمار المتعدد فقط أداءً سلبياً لهذا الأسبوع.