تحتفظ اللوحة بأحاسيس الفنان.. مواقفه، أفكاره، قَلقه، فَرحه ولحظات التقطتها الذاكرة احتفظ بتفاصيلها المرئية ليؤلف خطابه الفني الذي نقرأ فيه لغة تشكيلية تنطلق من رؤية وفكر وقدرة تقنية تتكامل مع قوى الفنان الإبداعية، وعندما يمتطي الفنان صهوة الواقع وينطلق منه فإنه يحتفظ بتفاصيل الأحداث وعفويتها، بل ويمنحنا الشعور بدفء المكان وحتى الزمان فيمنح لوحاته قيمتها الزمنية ويحتفظ بلحظات بصرية لا تتكرر. ولما تحمله مفردة الخيل من قيم تاريخية وجمالية نجدها تصول وتجول على فضاء بصري ممتد على تأملات مفتوحة لأفكار وتخيلات ترسم السيرة الذاتية لفنان الخيل ناصر الضبيحي يصورها باختلاف أشكالها وألوانها بالتقاطات واقعية بتنوع مدهش، فبالرغم من وضوح خيوله ومفرداته إلا أنها غنية بالمضامين التي نضيفها لرصيدنا الثقافي. رؤى فكرية وجمالية: في لوحاته طاقة شكلية ولونية تنعش العاطفة وتخاطب الروح، فهو يتعامل مع كائنات تملك أحاسيس كالإنسان فتكره وتحب وتغضب، يبحث أحيانا في ملامح وجوهها مكمن جمالها وتاج محاسنها وما تحمل من كبرياء وجمال، ثم يتجه إلى الجسد يبرز تفاصيله وإيحاءاته الحركية بدقة واتزان بزوايا مختلفة ليحقق رؤية فكرية وجمالية، فيلتقط أشكاله بالتفاتة أحيانا وتأمل وقفز وصهيل أو حتى الوقوف بثبات يستعرض قوامها ورشاقتها الجسمانية. الإنسان حضور بالغياب: وهناك امتدادات لأشخاص وجدران ونوافذ كمفردات لها أهمية في الحضور يستضيفها من ذاكرة مزدحمة كمساحة للتأمل ننتقل من خلالها لمساحة للبوح والحرية. فتتميز لوحاته بالحضور الإنساني بأفق جمالي لوجوه تكتنز أسرارا في تجاويف الذاكرة ومدخل لأحلام وتخيلات، وتسكن وجوهه ملامح ونظرات تجيد التأمل والانتظار والتفكير، ويحضر الإنسان أيضا بالغياب بحضور نفسي كأطياف لونية فتحضر مشاعره مذكراته اليومية كمدوّنات لونية ويحضر صوته بحروف تمثل فكره وأثره الأدبي يقترح من خلالها علاقات جمالية، ونتجاوز واقعه المرئي ونصغي خلفه لإيقاعات لونية متخيلة تحتضن خيوله ليدخلنا في إطار حالات تأويلية مفتوحة لفضاء تعبيري مشغول بخبايا النفس وتوتراتها الداخلية نقرؤها كنصوص جمالية وأحاسيس جميلة مليئة بالحياة. مهارة لونية باستعارة ضوئية: ونصغي لصهيل اللون المسموع في لوحات الضبيحي فيسعى لخطاب لوني وإيقاع لوني غير مستقر بامتداد لا نهائي، في كل لوحة إحساس وذوق لوني جديد في فضاءات حالمة فيها من وهج الفرح ومذاق الحنين وأسرار الروح المختبئة بين طيات اللون بتناغمات دافئة منبعثة من لون الشفق تتنفس حوله صباحات باردة منبعثة من جموح الحلم. وتكتمل ملامح خيوله بالمهارة اللونية الممزوجة باستعارة ضوئية كبعد زمني وكنوع من المتعة البصرية وتجسيدا للفرح فيستثمر مساقط الضوء على انحناءات أجسامها الرشيقة فيرسم مسارا للتنوع اللوني يحمل خطابا لونيا يجبرنا على التحاور مع أسرار وخبايا رسمت كحلم جميل في أفق المخيلة فينبت الجمال بغنائية لونية يتفاعل مع كل ما يحيط به متجاوزا كل الآلام والعقبات فيرسم الأمل والتفاؤل لحياة جديدة. من أعمال الضبيحي