هناك كلمات وحكم كثيرة في الصبر، فالصبر كما قيل مر ولكن عاقبته حلوة، والصبر صبران: صبر على ما تكره وصبر على ما تحب، والصبر مفتاح الفرج، والصبر عند الصدمة الأولى، وقيل في الشعر (دع الأيام تفعل ما تشاء * وطب نفسا إذا حكم القضاء)، فالكل يعرف فائدة الصبر ونتائجة ولكن الكثير منا يكون مقياس الصبر عنده قصيرا، فيسخط ويغضب ويتضجر ويستعجل، لأن الصبر كريه على النفس وفي هذا الزمن السريع يحتاج الواحد منا أن يدرب نفسه على الصبر حتى يكون صبورا، فالصبر مهارة نتعلمها ويمكننا أن نعلمها الأطفال الصغار من خلال وسائل كثيرة، مثل أن نتحدث معهم عن الصبر عند ما يتململون من الانتظار للطعام أو عند ازدحام السيارات في الطريق، فنستثمر الفرصة بالحديث عن الصبر وأهميته، ونردد عليهم بين حين وآخر بعض العبارات التي تساعدهم على تشرب معاني الصبر مثل: (الصبر مفتاح الفرج) و(إن مع العسر يسرا) و(كل تأخيرة فيها خيرة) وترديد الآية الكريمة: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، عند ما تنطبع هذه المعاني في نفوس الأطفال يتشربون الصبر حتى يكون سلوكا تلقائيا في شخصيتهم. فالناس تختلف في مقياس صبرها بثلاثة أمور وهي: العمر، وتجارب الحياة والخبرات، والقناعة بأهمية الصبر وثوابه، فصبر الصغير يختلف عن المراهق والكبير، وقد ننجح في تدريب الصغير على الصبر ولكن عند ما يبلغ سن المراهقة نجده يفقد صبره بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث له فنذكره بالصبر والمصابرة، ولابد من ملاحظة الإنسان نفسه ما الذي يجعله قليل الصبر، بعض الناس الجوع يكون سببا لعدم صبرهم، والبعض ضيق الوقت والبعض حرارة المناخ والبعض المرض، فكل شخص له سبب يكون ضاغطا عليه فيتضجر ولا يصبر، ومن التمارين العملية التي نجحنا فيها بتدريب الطفل على الصبر بخدمة «معين» التربوية الإلكترونية، أننا أرسلنا لعبة الصبر للمربين والوالدين، وهي أن يتم تعليق لوحة في غرفة الطفل وفيها وجوه ضاحكة ووجوه حزينة، وكلما صبر الطفل جعلناه يلون الوجه الضاحك، وإذا لم يصبر وتضجر فيلون الوجه الحزين، فهذا التدريب ينجح مع الأطفال الأقل من ست سنوات، وعندنا قصص نجاح كثيرة للمشتركين خدمة «معين» التربوية. أما الكبار فإننا نعلمهم الصبر من خلال هذه الوسائل السبع وهي: أولا- أن نعلمهم كيف يعبرون عن مشاعرهم عند ما ينفد صبرهم، فيعبرون عن مشاعر التضجر من خلال الحديث والفضفضة أو بعمل نشاط فني مثل الرسم والتلوين والكتابة أو نشاط رياضي مثل لعب الرياضة والمشي والسباحة، وثانيا- يستعين بالدعاء كما دعا قوم طالوت عند ما واجهوا قوم جالوت فقالوا: (ربنا أفرغ علينا صبرا) فثبتهم الله وصبرهم على أعدائهم، وكذلك الصلاة كما قال تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة) فالصلاة والدعاء يروضان النفس ويخففان عليها مرارة الصبر وشدته، وثالثا- أن يكون لديك أخ أو صديق أو أخت تتحدث مع أحدهم بما تشعر به من ضيق، فإن الحديث يعين الإنسان على الصبر وخاصة إذا تحدثت مع من يعيش مثل ظرفك، ورابعا- أن يكون لدى الإنسان ثقة بالله وإيمان بقدره فترى كل قضاء قضاه الله عليك فيه خير كثير، فهذا الإيمان يقوي مقياس الصبر ويطيل عمره، وخامسا- أن ترى الصورة الكبير للحياة وليس الجزء الصغير من الصورة، فعند ما تبتلى بمرض لمدة أيام أو أسابيع فانظر إلى الصحة التي أنعم الله بها عليك بها طوال السنوات الماضية، وإذا ابتليت بولد غير صالح فانظر إلى صلاح باقي الأبناء واستقرار الأسرة وقوة ترابطها ووجود المحبة بينكما، فالنظر للصورة الكبيرة في الحياة يساعد على الصبر والتفاؤل، وسادسا- أن تتذكر ثواب الصابرين ولعل أهمه وأعظمه أن الله يكون مع الصابر كما قال تعالى: (إن الله مع الصابرين)، ولأن الصبر عظيم فقد جعل الله ثوابه مفتوحا لا يحده رقم أو مقياس فقال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، وسابعا- أن يتذكر الصابر اسم الله تعالى الصبور فيعيش معانى الصبر.