الادخار هو العادة التي يجب أن يتحلى بها الفرد في زمن كثر فيه الصرف على الكماليات وتجاهل الأولويات، ليصبح في خانة الرغبات والأمنيات في كل المجالات. ولكي تتم عملية الاستقطاع بشكل سليم ومنظم، يجب تخصيص جزء من الدخل قبل البدء في الشروع في دفع المصاريف اليومية والشهرية، شريطة أن تكون الحصة المخصصة للاستقطاع معروفة ومحددة مسبقاً ومتوازنة مع الدخل والمصروفات بشكل عام وفق امكانيات كل شخص أو أسرة. هذا الكلام صحيح من المنظور النظري والمنطقي، لكن اليوم كما يرى الجميع مشاكل المواطنين المعقدة كلها بسبب عدم وجود سيولة نقدية كافية، لشراء منزل أو عند الرغبة في شراء سيارة التي أصبحت في عصرنا هذا وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها، في ظل ضعف خدمات النقل العام وغلاء أجور المواصلات الخاصة أو لدفع أقساط بيت العمر (المنزل الخاص) بشكل ميسر، أو كما يفعل الجميع عند دفع قسط الإيجار الشهري أو النصف السنوي للشقة السكنية، حيث اعتاد أغلب المستأجرين غير المدخرين أخذ قرض بنكي أو استلاف مبلغ من الأهل والأصدقاء لحل هذه المشكلة. هل يلام المقترضون على عدم حسن إدارتهم المالية؟ هذه مسألة نسبية، والاقتصاديون هم أهل مكة وأدرى بشعابها في هذه القضية. يبدو لي من الصعب الرجوع إلى عصر الادخار كما كان بالسابق، عندما كان بالإمكان ادخار أكثر من ثلثي الراتب، أما في وقتنا الحاضر المتطلبات والمصروفات يستحيل أن يغطيها المدخول الشهري للموظف متوسط الدرجة والمستوى المعيشي. وذلك أن أغلب الموظفين ليس لديهم حرية التصرف المطلق في راتبهم الشهري؛ كون نصفه يذهب لقسط المنزل أو الشقة، ونصف النصف لقسط السيارة، والمتبقي بالكاد يكفي لتغطية مصاريف الأسرة والأطفال. هذا قياس وهناك المزيد، لكن السؤال الأهم، هل أصبح الاقتراض أو الدين سواء من خلال البنوك أو من خلال الأفراد والأصدقاء هو الأساس والحل المتوافر في الوقت الحالي لحل جميع المشاكل المالية؟، في وقت امتزجت فيه الأولويات والرغبات والكماليات والأساسيات وأصبحت كلها دون استثناء في خط ومستوى واحد من الأهمية والضرورة. لكن.. هناك حل جذري لتحرير راتب الموظف من الالتزامات المالية التي ترهق حياة كل مواطن ورب أسرة، وهي مرتبطة بوزارة «الإسكان والصحة والتعليم». يجب على هذه الوزارات العمل على تخفيف الضغط عن راتب الموظف، من خلال توفير الخدمات والمنتجات بشكل يرضي الهدف الذي أنشئت من أجله تلك الوزارة، وليكون لراتب الموظف في المستقبل نصيب لمزاولة أنشطة وفعاليات هيئة الترفيه.