الإعلام في العُرف العالمي صوت الدولة وسلاحها اللوجستي الفتاك، وقوة حضوره ضرورة مُلحة خاصة إذا ما كانت الظروف ظروفا استثنائية، لذلك كثيرا ما تلعب بعض الدول على وتر الإعلام وطرقه وأساليبه، وتتفنن في إيصال رسائلها من خلاله، من منطلق القوة الفتاكة التي يحملها بين أذرعته، ونقول أذرعته لأننا نؤمن جميعا بالنقلة النوعية التي أصبحت عليها الآلة الإعلامية، فأذرعته باتت كأذرعة الأخطبوط في تنوعها وتعددها وسهولة استخدامها، فضلا عن قوة انتشارها، وبرقية وصولها إلى القاصي والداني، وبعبارة صريحة أقول: إن اللعبة الإعلامية في حاضرنا قادرة على ترجيح الكفة لطرف دون آخر، وكل الخبراء يجمعون على هذه القدرة العجيبة التي باتت من مكتسبات الآلة الإعلامية. من منطلق تلك الأهمية وهذه القوة أتحدث عن واقعنا الإعلامي السعودي بالتحديد، وأخص بالذكر وزارة الثقافة والإعلام خاصة، تقييما لعملها، ورصدا لتفاعلاتها، في مرحلة استثنائية تمر بها البلاد، نعلم حيثياتها، وندرك أبعادها، وسأنطلق في بداية حديثي من جملة الأصوات التي عَلَت خلال الأسابيع الماضية إما عبر المقالات الصحفية، أو عبر التغريدات التويترية، أو عبر اللقاءات التلفزيونية، وتوافقت على مطالبة وزارة الثقافة والإعلام صراحة لا تلميحا بما سميته في عنوان مقالي «المُوَاكَبة»، بل ربما أبعد من «المُوَاكَبة»، فالظروف الاستثنائية يلزمها أن تقوم كل جهة بدور استثنائي انطلاقا من واجبها وترجمة لمسؤولياتها. الأحداث جِدُّ تتسارع، والمتغيرات تتلاحق، والسياسات تتبدل وآلة العمل لا خيار لها سوى المواكبة، ولا يمكنها غير ذلك، ووجهات النظر المطروحة حاليا ترى أن وزارة الثقافة والإعلام لم تلحق بالركب بَعد، في ظل مطالبات شبه يومية بمثل ذلك، وأظن أن هذا الدور الاستثنائي المنتظر لا يمكنه التحقق دون تخطيط وعمل جبار، كفيل باستثمار شتى الوسائط، وابتكار الآليات، بل يتوجب على وزارة الإعلام السعي لتحقيقها عاجلا لا آجلا، وأقصد بهذه الوسائط والآليات المبتكرة المبادرات الإعلامية الجديدة، التي بوسعها قبل كل شيء الانفتاح على الخارج بكل مكوناته، وهي غاية طالما رددنا حاجتنا إليها، فتوجه الإعلام إلى الداخل مطلب، لكن قدرته على الوصول إلى الآخر بات مطلبا مُلزما وحتميا، تفرضه المرحلة وتستدعيه الظروف، وهذا الآخر لن يلتفت إلى ما تقوله إن لم تكن قادرا على إقناعه والتأثير في جوارحه، الأمر الذي اعتبرناه مشروطا بتجديد الآليات وابتكار الأساليب، وحسن استثمار الوسائط. السؤال المباشر المهم: هل هناك سعي حقيقي من قبل وزارة الإعلام بتقديم آلتها الإعلامية بوصفها قوة مؤثرة خارجيا؟، وهل تمتلك ذلك الطموح الكبير لجعل أدائها فارقا واستثنائيا؟ شخصيا لا أعلم!!، لكننا على أرض الواقع لم نر جديدا في الآليات المتبعة لتقديم النموذج السعودي، ولم يلُح لنا في الأفق مبادرات لافتة يمكنها أن تدهشنا!. أنا هنا لا أدق المسمار في النعش، ولا أعطل بالنقد المسيرة، ولا أتجاهل الجهود التي تبذلها الوازرة، فالجهد حتما موجود، ولكنه في حدود المتوقع والمبرمج، وهنا أضم صوتي إلى أصوات عديدة ترى أن الظروف الراهنة تفرض على هذه الوزارة بالتحديد أن تقدم عملا خارجَ حدود المعتاد والعادي كما ألمحنا، تبعا للمعطيات والوقائع، وأزيد على ذلك بأن وزارة الإعلام مطالبة بتقديم عمل خارق للعادة ولا أبالغ في هذا الوصف، لأن الوطن ينتظر منها الكثير والكثير.