في كرة القدم يتوجب على كل فريق تسيير خطة لعبه بحسب ما تمليه عليه ظروف المباراة وطبيعتها، والدولة في منظومتها أشبه ما تكون بذلك الفريق، وكل وحدة من وحدات هذه المنظومة لها دورها وعليها تأديته على الوجه الأكمل، خاصة في الأوقات العصيبة التي تتضاعف فيها مسؤولية كل لاعب، كأن تتعرض الدولة لهجمة تشويه عنيفة من خصومها وباغضيها، أو حالة حرب كلامية مع طرف من الأطراف، ما يحتم تكامل أدوار المشتركين في اللعبة وتضافر جهودهم. يحدث للمملكة العربية السعودية حاليا استهداف منظم ومقصود، وتتعرض لهجوم إعلامي شرس، وموجة ضخمة تريد بها شرا، وتسعى للإخلال بأمنها واستقرارها، والحط من سمعتها وقدرتها على القيام بدورها القيادي، ومثل هذا الكلام صَادَق عليه البعيد قبل القريب، وبات مكشوفا ومعلوما لدى القاصي والداني، وطالما باتت المواجهة مكشوفة على هذا النحو صرنا جميعا حيال مجابهة استثنائية وقوية، تقع مسؤوليتها بالدرجة الأولى على آلتنا الإعلامية، ويمثلها في هذا الجانب على وجه الخصوص (إعلامنا الخارجي)!!. مضاعفة الهجوم على المملكة مؤخرا لا يمكنه إقناعنا بأن وزارة الثقافة والإعلام لا تدرك عمق المشكلة، حيث الصورة النمطية المشوهة التي تكرست عبر سنوات عن المملكة، حتى إن أعداء اليوم بنوا عليها تفاصيل هجومهم الشرس في الآونة الأخيرة، ومرد ذلك تقاعسنا عن تغيير هذه الصورة، وضعف أساليب وسبل تصحيحها من قبل وزارة الثقافة والإعلام في حينه!. إذن ما زال لاعبنا الإعلامي خارج نطاق المُوَاكَبَة، على الرغم من أننا نطالبه بأكثر من القيام بدوره المنوط به في اللوائح، بل أبعد من ذلك بمراحل، بمعنى أن وزارة الثقافة والإعلام ممثلة في إعلامها الخارجي ملزمة بأن تكون خلاّقة، مُبهرة، مُواكبة، وبالعربي الفصيح تكون «مُحاربة» لأن الحرب الضروس، التي كشّرت عن أنيابها تجاه المملكة لا يمكن مواكبتها ولا الصمود في ميدانها إلا بتجاوز قدراتك وتحدي إمكاناتك والقفز على روتينك وبيروقراطيتك، وبالتالي فالدور المنوط بإعلامنا الخارجي حتمي ومصيري ومُلزم، حتى إن افترضنا جدلا أنه لاعب مجتهد، يسعى ما أمكنه تنفيذ المطلوب منه من المهام المنصوص عليها رسميا، حيث «تقع على قطاع الإعلام الخارجي مهمة المتابعة الإعلامية، ورصد ما يُنشر في وسائل الإعلام الدولية من صحافة مكتوبة وشبكات تلفزة وإذاعات ومواقع إلكترونية على شبكة الإنترنت، ويقوم هذا القطاع بإعداد وتوزيع الكتب والمواد الإعلامية من ملفات متكاملة ومطويات وأشرطة نصية وسمعية وبصرية،.. ومن أهداف الإعلام الخارجي إبراز صورة ذهنية إيجابية عن المملكة وسياساتها الداخلية والخارجية وإسهاماتها الإنسانية،.. والتعريف بالجهود، التي تبذلها المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين، كما يهدف الإعلام الخارجي إلى إبراز الدور الرائد للمملكة في خدمة القضايا العربية والإسلامية». جدالنا إذن يتموضع حول (كيفية تحقيق مثل هذه المهمات!!)، عن وسائط بلوغها، عن سبل وطرائق إنجازها، فهل فكّرت وزارة الإعلام في تجنيد كل الطاقات والمجالات (غير النمطية وغير المستهلكة)؟، من أجل أن تلعب دورا مغايرا؟، هل وضعت في أجندة دفاعها طاقات شبابنا، طاقات كتّابنا، طاقات مفكرينا، وكل مبدعينا، مع عدم الاستهانة بكل ما يؤثر في الشريحة الأكثر في العالم، باستثمار مجال «السوشل ميديا»، ومجال كرة القدم، ومجالات الإنتاج الدرامي المقنن، ثم هل تواصلت مع خبراتنا السعودية الأكاديمية وبحثت معهم عن أفكار جادة وجديدة وغير مسبوقة، هل.. وهل.. وهل، فاللعبة الآن لم تعد سهلة، ولا أظنها تستغني عن الدور الإعلامي مطلقا!!.