حظي اللقاء التحضيري الأول للقاء الوطني التاسع للحوار الوطني الذي خصص جلسته عن «الإعلام... الواقع وسبل التطوير»، بسجال ونقاش واسعين، خلصا إلى ضرورة فصل الإعلام عن الثقافة ووضع لكل واحدة منهما وزارة مستقلة، وضرورة النهوض بالإعلام السعودي ليواكب دور المملكة الريادي عالمياً وإقليمياً وفتح الباب للحريات الإعلامية، والتخلي عن الرقابة. وتطرق اللقاء الذي عقد في محافظة الطائف أمس (الأربعاء) إلى المنطلقات الشرعية والفكرية للإعلام السعودي، والواقع الذي يعيشه، والإعلام الجديد. وطالب الإعلامي والكاتب الصحافي جمال بنون بضرورة إلغاء المجلس الأعلى للإعلام، وفتح باب الحريات الإعلامية في المملكة، مشيراً إلى القيود المفروضة على الإعلام السعودي والوصاية الحكومية. وقال ل«الحياة»: «إن حرية الإعلام توفر رؤوس أموال للاستثمار في مدن إعلامية سعودية بقيمة تتجاوز ستة بلايين ريال، ونستطيع من خلالها توظيف الشبان، إذ تبلغ نسبة البطالة في الإعلام السعودي بحسب المركز السعودي للدراسات الإعلامية 90 في المئة». وطالب الدكتور أنور عشقي بهيئة استشارية إعلامية عليا وميثاق شرف إعلامي، مضيفاً: «إن لدينا سياسة إعلامية لكنها لا تنفذ، والدليل التعامل التلقائي مع القرارات الملكية، بينما من المفروض أن تكون هناك خطة استراتيجية للتعامل معها، وأطالب بغرفة عمليات إعلامية تواكب الأزمات، وإتقان التعامل مع الحرب النفسية». واعتبر عبدالمحسن هلال أن الأمر الملكي بعدم الإساءة لهيئة كبار العلماء والمفتي في وسائل الإعلام بالقرار الاستثنائي، الذي ولد في ظرف استثنائي، لكنه استدرك قائلاً «إن الملك أمر بالمقابل بانتقاد كبار المسؤولين في البلاد، ولكن بشرط الموضوعية». وأشارت الإعلامية مها عقيل إلى أن مجال الإعلام يحتوي الجميع من دون كفاءة أو رؤية، لافتة إلى أن رواتب الصحافيين والمتعاونين متدنية، ما يضعف لديهم حافز التطوير لعملهم، إضافة إلى عدم حرص المؤسسات الإعلامية على تدريب كوادرها. وتطرق الأكاديمي في جامعة الطائف الدكتور جميل اللويحق إلى مشكلة الممارسة مع السياسة الإعلامية. وقال: «إن المنطلقات الشرعية للإعلام السعودي وضعت في 30 مادة لكنها ليست حاضرة بقوة إلا في أوقات محددة»، متسائلاً عن غياب الدعوة إلى الله في الإعلام السعودي التي نصت عليها المادة 22. وطالب المجتمعون بضرورة تعزيز دور الإعلام السعودي، ومواكبته لمتطلبات الحياة كافة بما يتناسب مع مكانة المملكة، وخصوصيتها الدينية، وانتقدوا التقليدية في طرح البرامج، والأسلوب المتبع في القنوات المرئية الذي لا يتفق مع روح العصر، مطالبين بتحديد ضوابط ومعايير الحرية الإعلامية وفق ثوابت محددة ومن جهات متخصصة. ووصفوا نوعية المواد التي تعرض في الإعلام المقروء والمسموع ب«الضعيفة»، وتحتاج إلى إعادة نظر لتواكب التحديات العالمية، متطرقين في الوقت ذاته إلى معاناة الكتاب الصحافيين من عدم تحديد سقف الحرية في التعبير بين التضييق الشديد والانفتاح حيناً آخر، مطالبين بضرورة مواكبة القنوات الرسمية للحدث الذي يعايشه المجتمع وفك القيود على صحافة الرأي، وصحافة الخبر في الإعلام الرسمي، مطالبين بإعادة النظر في جهاز الرقابة الإعلامية، وتجديد دمائه في وزارة الإعلام، ليتناسب مع المرحلة الجديدة التي يعيشها الوطن. وفي المقابل، رد وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور عبدالرحمن الهزاع بأن الإعلام السعودي يلتزم بسقف موضوعي للحرية يتجاوز النقد الشخصي ويركز على القضايا، مشيراً إلى أن الإعلام السعودي حقق قدراً من الحرية لا بأس بها مقارنة بما كان عليه سابقاً. واعتبر الهزاع تمنع بعض أصحاب الفكر والرأي عن المشاركة في الإعلام السعودية الرسمي يضطر الوزارة إلى اللجوء لمن هم أقل مستوى. وعلق وكيل وزارة الثقافة والإعلام المساعد لشؤون الإذاعة الدكتور إبراهيم الصقعوب على إهمال برامج الطفل، والتخصص في إنشاء قنوات خاصة به، إذ إن الإعلام السعودي لم يتمكن من الوصول إلى ما يتطلع إليه الأطفال لنقص الكادر المتخصص، وعدم تقديم ما يدفعهم لتحقيق المأمول. وسجل المشاركون ملاحظاتهم على ما يعرض في وسائل الإعلام الرسمية من ظهور المذيعات من دون حجاب، وعرض المسلسلات، والمباريات، وتأخر المحطات التلفزيونية الإخبارية عن تقديم الحدث الأهم، وعرض المهم. br / وأكد الدكتور الهزاع على أن لدى المملكة ارتباطات ومرجعيات دينية وسياسة لا حياد عنها، والوزارة جزء لا يتجزأ منها، وأن القنوات الإخبارية لا يمكن مقارنتها بغيرها، لأن لديها مرجعية وصدقية ومحاسبة من قبل وزارة رسمية تمثل الدولة. وفي ما يتعلق بالإعلام الجديد، أشار المدون سعيد الوهابي إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تتناول قضايا الإصلاح السياسي وأفكار الشبان في السعودية، بينما يركز الإعلام التقليدي على قضايا الاختلاط وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقال: «لدي في صفحة «تويتر» 2200 من المتابعين، وهم يناقشون الآن أحداث جلساتكم»، معتبراً أن الوزراء والسفراء السعوديين أنشؤوا صفحات على ال«فايسبوك»، لكنهم يتعاملون معها بذهنية قديمة. وأعلنت المشاركة فوز الزهراني (طالبة جامعية) أن قناتها المفضلة هي «اليوتيوب»، وصفحاتها التي تتابعها يومياً هي ال«فايسبوك» وال«تويتر».