ما أحوجنا كمجتمع إلى الترفيه عن أنفسنا ساعة بعد ساعة- كما قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم– (روحوا عن أنفسكم ساعة بعد ساعة) ولعلنا نقول ما أحوجنا إلى هيئة الترفية المُزمع تشكيلها، الآن قبل أي وقت آخر، خاصة أننا نعيش في أغلب مناطقنا جوا صحراويا وحارا، من هنا نحن في حاجة ماسة لنشر السعادة والبهجة والفرح بيننا وبين أفراد عائلاتنا، بل وبين أبناء مجتمعنا الأوسع، فنشجع المبدع ونثني على المُجِد ونمدح المخترع بكل السبل والوسائل، من خلال الكتابات أو الهاشتاقات أو الاتصال المباشر، وربما عبر الاحتفالات والجوائز، علينا أن نبني على كل عمل جيد، ليكبر ويتسع، علينا أن ندفع كل جهد ايجابي ليقوى وينتشر، وعلى العكس من ذلك، علينا أن نترك حالات الذم والقدح والشتم بل والتكفير والتبديع، لأنها تزيدنا هما على هم، فهي لا تؤثر على المقصود بالكلام وحده فحسب بل على كل من يسمعه أو يقرأ هذا النوع من الكلمات، بل حتى على من يطلقها، دون أن يعلم، حتى من يعتقد بصحة كلماته أو من كان مخلصا في نيته، فنقول له إن هناك أساليب ايجابية أخرى أفضل منها، إلا أننا وللأسف الشديد، نميل إلى الجانب الثاني أكثر من الأول، كتب الأستاذ فاضل العماني قبل أسابيع مقالا في جريدة الرياض، حول سبعة عيوب للمواطن العربي، وقد شد المقال الكثير من القراء، وفي حديث تليفوني معه، تعجب من الاهتمام البارز وأشار إلى أنه كتب مقالا قبل مدة حول عيوب المواطن السعودي، فكان مثار اهتمام القراء أيضا، واستضافته عدة محطات تلفزيونية للتعليق على الموضوع، وقام في الأسبوع التالي مباشرة بكتابة مقال حول ايجابيات المواطن السعودي، إلا أن المقال لم يلفت انتباه أحد بالمرة، وبالتالي فالناس تهتم بالسلبيات ولا تعطي أي اهتمام للايجابيات -بالتأكيد ليس من باب علاجها والتغلب عليها- هذه الحالة تحتاج إلى دراسة معمقة، لمعرفة أسبابها، ومن ثم إلى محاولة علاجها، لما لها من دور في تدمير الفرد وبالتالي المجتمع، بالرغم من أننا أحوج ما نكون إلى الدفع والتشجيع لاستخراج مكنونات الفرد، من أجل بناء مجتمعنا وبلدنا، ينقل أحد الكتاب منذ أيام قصة لشخص تقدم لاختبار قبول لوظيفة ترتبط بالعلاقات العامة، وأشار إلى ارتباك المرشح بشكل كبير أثناء المقابلة، وكانوا على وشك استبعاده، وعندما هموا بذلك، أرادوا الإشارة إلى كتابة جميلة كانت مرفقة بأوراق تقدمه للوظيفة، مشيدين بها وبمحتواها، وما أن سمع تلك الإشادة حتى انطلق يحدثهم بثقة وتمكن، منتقلا من موقع إلى آخر حتى بهرهم، وفي النهاية تم قبوله للمنصب، فلننظر إلى تأثير ثناء بسيط على ذلك الشاب، هذا ما يحتاجه كل شاب بل كل شخص ليبرز مكنوناته وقدراته، قليلا من التشجيع، قليلا من الكلمات الايجابية. خلاصة القول، بدلا من أن تلعن الظلام أشعل شمعة، تنير الطريق وتقدم بصيصا من الأمل نحو غد مشرق، ومستقبل ناصع لمجتمعنا بدلا من جلد الذات والانتقاد الهدام، دعونا نتكاتف لنشر الفرح والبهجة والانجاز، دعونا نركز على الأمور الحسنة، ونبتعد قليلا عن تلك السيئة من أجلنا جميعا.