إذا قُدِر لك أن تمر سريعا على «أكاديمية الإبداع» فلا تتردد، خذ قرارك وقِف على أبوابها وستغنم الكثير من العلوم والمعارف والتجارب الحياتية والحكمة ما قد يفوتك في باقي المجموعات الهاتفية. تتميز «الأكاديمية» بأنها خصصت كل أطروحاتها ومناقشاتها وحواراتها حول «التربية والتعليم» وما فيها من بيئةٍ مدرسيةٍ وصفوف دراسية ودورات تدريبية وكل ما يدور في الساحة التعليمية، الأكاديمية تضم عمالقة التعليم من مختلف مناطق المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وبعض من الدول العربية، وهي في توسع مثمر من حيث الأنشطة التربوية والحوارات التي تخدم الميدان التعليمي، وهناك جانب العلم الشرعي الذي يزيد أعضاءها علما واطلاعا على نصوص الشريعة الإسلامية. في كل يوم نقف على تجربة إدارية وموقف تعليمي هادف فنتعلم منه الكثير، لا حدود لاستخدام عقلك وأنت تفكر، ولا حدود لطموحاتك وأنت ترتقي بذاتك وشخصيتك، ولا حدود لحواراتك وأنت تبدع شريطة أن لا تخرج عن القوانين والأنظمة التعليمية في الأكاديمية. ذات يوم عرضت المشرفة التربوية الأستاذة/ حمده الغامدي أحد مواقفها التربوية بهدف نقل الخبرة للأعضاء، وبدوري أنقلها بتصرفٍ واختصار، تقول المشرفة:- في سنتي الأولى من بداية عملي في الإشراف التربوي حرصتُ على أن أكون متميزة في البرامج التطويرية فكان هذا دافعا لترشيحي لرئاسة لجنة التطوير المعنية بتطوير المناهج والأنشطة والبرامج، الجميع بارك لي هذا الترشيح، هناك من لم يعجبه ذلك لكوني مستجدة في الميدان، وبدأ التأثير الخارجي يُشعرني بالإحباط والعجز وقلة الحيلة. ذات يوم تعرضتُ لموقفٍ تصادمي زادني غصة فخنقتني العبرة وخرجتُ من مكتبي بدموعٍ منهمرة ونفسٍ منكسرة، هذا اليوم كان «الفيصل» في حياتي العملية، كان من أيام العمر الذي لا أنساه، إذ قابلتني إحدى القيادات التربوية واستوقفتني تسألني عما بي؟!! ترددتُ في البوح، لم أنطق بحرفٍ واحد فقد كانت دموعي هي المجيب، قالت لي بالحرف الواحد:- اسمعي كلامي هذا جيدا وتذكريه دائما ولا تنسيه أبدا، سألتني سؤالا غريبا جدا لم أكن أتوقعه؟ إذ توقعتُ منها نصيحة مباشرة مكررة كتلك التي اعتدنا على سماعها في مثل هذه المواقف!! ولكنها فاجأتني بسؤالها:- يا حمده،، من الأسرع الغزال أم كلب الصيد؟!! فأجبتها باستغراب: الغزال طبعا، فقالت بهدوء الواعظ:- ينطلق الغزال بسرعةٍ إذا رأى كلب الصيد، ويولي هاربا ويسرع الكلب وراءه، ولكن الغزال يسبقه كثيرا، فيستجمع الكلب قواه في محاولةٍ للحاق به، ولكن الغزال تزداد سرعته، وفي لحظةٍ غباء يُدير الغزال رأسه نحو الكلب ليرى هل سيلحقه أو أنه ما زال بعيدا عنه، وفي لحظة الالتفاتة هذه تبطؤ حركة الغزال فيهجم عليه الكلب ويصطاده!! ثم قالت وهي تشدُ علي يدي بحنانٍ المحب: أنتِ الآن تقومين بدور «الغزال» فإياكِ إياكِ أن يلتفت رأسك إلى الوراء، وإلا ستُصبحين ضحية للإحباطات والانكسارات القاتلة، انطلقي إلى الأمام ولا تلتفتي إلا لناصحٍ أمين. تقول المشرفة حمده:- كان لهذا الموقف تأثيره البالغ في تطور شخصيتي، فمنذ ذلك اليوم تعلمتُ أن أنطلق بخفة ورشاقة الغزال، هذه القيادية (قالت حكمة وصنعت أثرا) هنا انتهى قول المشرفة. أيها القارئ الكريم:- ليس الغزال وحده الذي قد يتعثر، نحن البشر أيضا نتعثر كثيرا، ويمكن أن تنتهي حياتنا في لحظة بالتفاتةٍ غبيةٍ أيضا إلى الماضي لم نكن نحسب لها حسابا، خاصة إذا أطلنا البقاء في دهاليز زمنٍ مضى ولن يعود، قد ذهب بكل آماله وآلامه، البعض منا يُكبِل نفسه بسلاسل تُعيقه عن الحركة واستشراف المستقبل في حين أنه يرى العقلاء من حوله وهم يتسابقون لبناء أمجادهم وتحقيق طموحاتهم غير مكترثين بغوغاء الناس، هم يقودون قوافلهم بنجاح بينما الأصوات من حولهم تعوي، ولو أنهم التفتوا إلى هذه النغمات المزعجة لضاعت عليهم فرص ثمينة لن يُفلحوا في إعادتها بنفس تلك القوة والقيمة التي كانت في لحظتها!! يذكر لنا الكاتب «نيدوكوبين» في كتابه «أحصل على ما تريد» سبعا من أسرار العيش في الحاضر، اخترتُ منها أربعا:- الأولى:- التخطيط للمستقبل بدلا من القلق بشأنه. الثانية:- تعلم من أخطائك وأخطاء غيرك. الثالثة:- ركِز كل طاقاتك على المهمة التي أنت فيها. الرابعة:- لا تسمح لأي شخص بأن يُعيقك وأنت تنتقل إلى اللحظة التالية.