إحدى مهام الجامعات في العالم الأساسية نشر المعرفة، والتأثير في المجتمع، وللأسف بات التعليم في الجامعات العربية يواجه تحديات عدة على رأسها التمويل وإنتاج المعرفة والتأثير في المجتمع، وخلق فرص التنمية، وغالباً ما تذهب الجامعات إلى سبل عدة لتحقيق أهدافها والتي يقع على رأسها البحث العلمي الذي يعد عاملاً أساسياً في إنتاج المعرفة السليمة. البحث العلمي في جامعتنا العربية يعاني عدم وجود فرق علمية وبخاصة على مستوى البحوث الإنسانية، ويعاني النشر باللغة العربية التي لا تصل لمحركات قياس الأثر والاقتباس العلمي وما يسمى ب معامل التأثير Impact Factor الذي تقدمه قاعدة البيانات المعروفة ISI Web of Knowledge. كما ويظهر معامل سايماجو لترتيب المجلات (SCImago Journal Ranking (SJR)) وهو مقياس للأثر العلمي للمجلات بدأ منذ العام 1996، والذي يقيس عدد الاستشهادات التى وردت من قبل مجلة ما وأهمية ومكانة المجلات التى ترد منها تلك الاستشهادات تراجع الحضور العربي. وترجع آلية التحليل المستخدمة من قبل سايماجو (Scimago) إلى قاعدة بيانات سكوبس التي تصنف المجلات في 27 قائمة تخصص رئيسية ينبثق منها 313 موضوعاً تخصصياً محددا، وتصنف المجلات وفقاً لبلد المنشأ وسنة الصدور. يمكن أن نشير هنا إلى نموذجين عربيين وفقاً لمعامل سايماجو (Scimago) وهما الأردن والمملكة العربية السعودية، فقد جاء ترتيب السعودية عام 2014 بالمرتبة 35 عالمياً وفي عام 2015 حلت بالمرتبة 33، بمعنى أنها تقدمت نقطتين، أما الأردن فكان ترتيبه العام 2014 بالمرتبة 66 وفي عام 2015 حلّ بالمرتبة 64 عالمياً ومعنى هذا أن هناك تحسنا بطيئا. لكن هناك أيضاً منافسة إقليمية وعالمية كبيرة. وبينما احتلت المملكة العربية والسعودية المرتبة الرابعة والأردن المرتبة السابعة في الشرق الأوسط للعام 2015، إلا أن تركياوإيران وإسرائيل حلت في المراتب الثلاث الأولى على دول الشرق الأوسط، لكن السعودية تنافس اليوم هذه الدول، وهي بادرة طيبة وتمثل أفقاً سعودياً للمستقبل وللاستثمار بقوة المعرفة التي تصنع بقية عناصر قوة الدولة . للأسف لا يوجد اليوم معامل قياس أثر عربي، مع أن إيران تعمل وقطعت شوطاً فيما يخص اللغة الفارسية، ونحن بحاجة إليه عربيا لأن المجلات التي تصدر باللغة العربية لا تحظى بأدوات تحليل وقياس من شأنها تقييم المجلات العربية والنتاج الفكري العربي والباحثين العرب بمعايير عالمية على غرار المشاريع الإقليمية والعالمية الضخمة. لكن الجامعات العربية تعاني تحديات تقف ضد تقدمها وعلى رأسها الاستقلالية والحريات الاكاديمية والتمويل وغياب الوقفيات، وعدم وجود مشاريع شراكة عابرة عربية، كما أنها بحاجة اليوم لإعادة الاحترام للأعراف الأكاديمية، والدولة عليها ان تذهب إلى ما ذهبت إليه إيرانوتركيا في التأكيد على السياسة الوطنية في دعم البحث العلمي، وتفريغ فرق، وبدعم لا محدود كي ننتج معرفة تخدم النهضة العربية الوطنية المطلوبة في الاقتصاد والسياسة والتحديث، فالتقدم في الاقتصاد إن لم تسنده المعرفة يظل مشوهاً ومختلاً. ولا سبيل للتقدم إن لم يكن هناك بحث علمي جاد، وسياسيات تقويم ومحاسبة للأداء لدى القيادات الجامعية وبخاصة عمادات البحث العلمي وتقويم الباحثين ومدى سلامة انتاجهم العلمي وتوافقه مع مواصفات النشر العربي مع المواصفات العالمية مع الاهتمام بالنشر الرقمي.