يعتبر الغاز الطبيعي اهم مصدر للطاقة من حيث النمو وهو من المصادر المرنة التي تستطيع استبدال اي مصدر آخر من مصادر الطاقة كالفحم كما يحدث في امريكاوالصين او الطاقة النووية كما حدث في اليابان. ومن السهولة استبدال الغاز ايضا متى ما وجد البديل الافضل اقتصاديا وبيئيا. وعلى سبيل المثال فلقد اعلنت مصر مؤخرا انها ستتوقف عن استيراد الغاز المسال في 2020م بسبب اكتفائها الذاتي من الغاز المكتشف في شرق المتوسط والذي يقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعبة من الغاز. وكانت مصر قد استوردت حوالي 3 ملايين طن غاز مسال في عام 2015م بعد ان شحت امدادات الغاز المحلية. والجدير بالذكر ان مصر صدرت في عام 2010م اكثر من 7 ملايين طن غاز مسال الا انه وبسبب الارتفاع المتزايد للطلب المحلي على الطاقة اضطرت مصر الى استهلاك ما كانت تصدره بل واضطرت الى استيراد كميات اضافية. وتقوم مصر باستئجار منصات عائمة في البحر لتحويل الغاز المسال الى حالته الغازية ومن ثم ضخه الى شبكات الغاز المحلية. وهذا يوحي بان التعامل مع الغاز المسال يتميز بالمرونة من حيث سهولة الاستيراد او التصدير او حتى التوقف عن الاستيراد اذا اقتضى الامر ذلك. وفي موقف معاكس للموقف المصري استوردت امريكا في 2010م حوالي 9 ملايين طن غاز مسال الا انه وبسبب طفرة الغاز الصخري تحولت امريكا وبسرعة من الاستيراد الى التصدير وستصبح بعد خمسة اعوام احد اكبر مصدري الغاز المسال بالعالم. وفي نفس السياق وبعد كارثة فوكوشيما اليابانية اغلقت اليابان جميع مفاعلاتها النووية ونجم عن ذلك ارتفاع طلبها للطاقة الاحفورية للتعويض عن الطاقة النووية. ولذلك رفعت الكميات المستوردة من الغاز المسال مما ساهم في رفع اسعار الغاز المسال في عام 2011م- 2014م. قبل فوكوشيما كانت اليابان تستهلك (تستورد) حوالي 70 مليون طن سنويا من الغاز المسال وبعد فوكوشيما ارتفعت وارداتها من الغاز المسال الى حوالى 89 مليون طن سنويا. وعندئذ ادركت اليابان وشعرت بارتفاع قيمة فاتورة الطاقة واضطرت للعدول عن قرارها باغلاق المحطات النووية وبدأت بتشغيل بعض مفاعلاتها النووية بعد مراجعة عوامل السلامة، واخذ كافة الاحتياطات اللازمة التي تحول دون وقوع كوارث اخرى. وبعدها بدأ استهلاك اليابان للغاز المسال بالانخفاض حيث انخفض في عام 2015م بحوالي 3.1 مليون طن عن عام 2014م والتي تعتبر قمة استيراد اليابان للغاز المسال كما يعرض الشكل. وحتى كوريا الجنوبية وهي ثاني اكبر مستورد للغاز المسال بالعالم فقد قلصت استهلاكها في عام 2015م للغاز المسال بحوالي 4.5 مليون طن وذلك لوجود مصادر ارخص منه. واما بعض دول الخليج فهي تستعين بالغاز المسال في وقت ذروة الطلب على الكهرباء. فعندما يرتفع الطلب على الكهرباء في فصل الصيف تقوم الكويت والامارات بالتغلب على زيادة الطلب على الطاقة باستيراد الغاز المسال لفترة الصيف حتى لا تضطر الى حرق النفط الخام او وقود الديزل الثمين. وهذه الامثلة تشير وبوضوح الى امكانية استخدام الغاز المسال كمصدر مرن وديناميكي لتوليد الطاقة في اوقات مختلفة وبدون حدوث اضرار. تستهلك الصين وحدها 47% من الاستهلاك العالمي للفحم الحجري الملوث للبيئة بسبب ارتفاع الانبعاثات الناتجة عن حرقه. وللمقارنة فانها تستهلك 11% من الاستهلاك العالمي للنفط و4% فقط من الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي الوقود المثالى من النواحي البيئية لتوليد الطاقة. ولذلك ومنذ عام 2000م ينمو استهلاك الصين للغاز سنوياً بنسبة 15% مقابل انخفاض طفيف في استهلاك الفحم الذي حول اجواء بعض مناطق الصين الى غيوم سوداء. ورغم حاجة الصين الكبيرة للطاقة الا انها تحد من استخدام الفحم بتشجيع المصادر الاخرى فهى صاحبة اكبر قدرة في العالم لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية. وبشكل عام فلقد انخفض استهلاك الصين للفحم ما بين 2013-2015م بحوالي 40 مليون طن نفط مكافئ مقابل زيادة 30 مليون طن مكافئ من الغاز الطبيعي و15 مليون طن نفط مكافئ من الطاقة النووية. ولكن كانت المفاجأة للعالم ان الصين استطاعت ان تزيد اعتمادها على الطاقة المتجددة من 250 مليون طن نفط مكافئ في عام 2013م الى حوالى 320 مليون طن نفط مكافئ في عام 2015م. اي انها استطاعت زيادة الطاقة المتجددة بحوالي 30% في سنتين فقط. في عام 2010م استوردت الصين 9 ملايين طن فقط من الغاز المسال وارتفعت هذه الكميات في عام 2015م الى 20 مليون طن وهو ارتفاع كبير ومقلق للصين وذلك لارتفاع الاسعار في عام 2014م. ولكن يبدو ان الصين قد عقدت العزم على استخدام الغاز كمرحلة انتقالية للحد من استهلاك الفحم. ولكنها في هذه المرحلة الانتقالية تعمل ليلا ونهار لتطوير مصادر الطاقة المتجددة. فلقد اصبحت الصين هذا العام اكبر دولة من حيث توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية متخطية المانيا التي تصدرت العالم لفترة طويلة. وبعد سنتين ستتخطى روسيا في توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية لتأتي الثالثة عالميا بعد امريكا وفرنسا. واما بالنسبة لاستغلال الطاقة المائية فتعتبر الصين في المرتبة الاولى وبدون منازع، اذ انها تنتج من مساقط المياه طاقة تقدر بحوالي 255 مليون طن نفط مكافئ وتأتي كندا بشلالاتها الشهيرة بحوالي 88 مليون نفط مكافئ في المرتبة الثانية عالميا. تتصدر المملكة دول العالم بحرق النفط الخام بشكل مباشر لتوليد الكهرباء فقبل عام وفي شهر اغسطس تم حرق 850 الف برميل باليوم لتوليد الكهرباء، وحرقت العراق 200 الف برميل وكانت الكويت تحرق حوالي 80 الف برميل باليوم من النفط الخام في فترة الصيف الا انها استبدلته بحرق الغاز المسال المستورد. لقد حان الوقت لتبدأ المملكة مرحلة انتقالية وعاجلة لاستبدال حرق النفط الخام والديزل باستيراد الغاز الطبيعي المسال ولمدة زمنية محددة. ويشيد خلال هذه الفترة الزمنية قدرة كبيرة لانتاج الكهرباء من المصادر المتجددة خاصة في المناطق التي لا يصلها الغاز الطبيعي المنتج بالمملكة. تبلغ قدرة المملكة حاليا حوالي 80 جيجاوات وهي تزداد سنويا بطريقة لافتة للنظر وهذا يعني ان المملكة بحاجة الى استغلال كل مصدر لتوليد الطاقة وعدم الاعتماد على النفط الخام لسد الحاجة وقت الذروة. والحقيقة ان بناء قدرة لانتاج الكهرباء من مصادر متجددة مثل الرياح والشمس وغيرها ليس بمستحيل ولكن يتطلب جهدا وعملا. الاكيد ان حرق النفط لتوليد الكهرباء هو الحل الاسهل وينتج الكهرباء للناس بيسر وسهولة، ولكنه يلوث الاجواء ولا يعد ايضا الامثل من الناحية الاستراتيجية والاقتصادية لامكان استغلال النفط في الصناعات المختلفة. يحرق في المملكة حوالي 350 الف برميل نفط خام باليوم في فصل الشتاء، وحوالي 850 الف برميل باليوم في فصل الصيف وهو وقت الذروة بسبب ارتفاع الطلب على اجهزة التكييف. وهذا يعني ان نصف مليون برميل باليوم من الخام تستخدم لسد الحاجة وقت ارتفاع الطلب. نحتاج الى وقود غير النفط لتلبية ارتفاع الطلب وقت الصيف وهذا الوقود قد يكون غازا مسالا او طاقة شمسية او رياح او نووية. ولقد شاهدنا الصين كيف وعت الى مشكلتها مع الفحم الملوث وعملت المستحيل لاستغلال كل شيء لاستبدال الفحم بمصادر نظيفة فرفعت اعتمادها على الغاز والطاقة المتجددة والطاقة النووية. وهي مصادر طاقة مستدامة للأجيال القادمة.