«عمي أنا طالب يد بنتك! والله يا ولدي إذا قدرت تفك يدها من الجوال خذها ببلاش مع الشاحن» أعتقد أن هذا الأب ليس راغباً في تزويج ابنته، وإلا لما وضع هذا الشرط المستحيل حسب معطيات الواقع اليوم، فعلاقة بعض البنات بالجوال أصبحت علاقة توأمة سيامية لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر إلا بعملية جراحية معقدة! وما المشكلة في ذلك؟! المشاكل في ذلك أن هذا الارتباط على حساب الأهم، سواء ببناء النفس التي لا يمكن أن تبنيها دردشات الواتساب ومقاطع السناب شات وتغريدات التويتر، فهي تأخذ أكثر مما تعطي، وإن لم يكن البناء قوياً فستعطي مع الوقت ما لا يسر، أو بالتقصير في بر الأم أو بضعف التواصل الاجتماعي فهي حبيسة غرفتها أكثر ساعات اليوم، أو بسوء الأخلاق وشراسة التعامل مع إخوانها الأصغر منها سناً، وقد يكون وسيلة إلى ما هو أسوأ من عبث لمحبي إشاعة الفاحشة المتخفين خلف أسماء نسائية وما أكثرهم في وسائل التواصل الاجتماعي! ما الحل؟! الحل من وجهة نظري يتركز في الرقي بفكر بناتنا حتى يدركن أن الجوال لا يتجاوز كونه وسيلة ترويحية مع وجود الجانب التطويري لمن رغب فيه، ولكنه لا يبني مستقبلاً ولا يبني فكراً بوضعه الحالي، وبالتالي فالوقت الذي يخصص له يجب أن يكون وقت الترويح فقط، أما الأوقات الأساسية فهي أثمن من أن تضيع بالتوافه وما يجر الحسرة والندامة الدنيوية والأخروية، بالإضافة إلى تفعيل الوالدين لدورهما وعدم الاكتفاء بالصياح والنواح من واقع هذا الجيل، فأولادهما هما مشروعهما الأكبر في الحياة، ولذلك لابد من تخصيص المزيد من الوقت للجلوس مع الأبناء والبنات خصوصاً، ووضع البرامج المفيدة والمنافسة للجوال مع الصبر على ما سيواجهونه من مقاومة، فهم يتعاملون مع مدمنين، والمدمن يحتاج إلى وقت طويل حتى يُشفى من آثار إدمانه. أولاً وأخيراً، الأمر لدى بناتنا أنفسهن، ولذلك أتمنى منهن أن يعدن النظر في علاقتهن بالجوال من أجلهن قبل غيرهن، فكل علاج يبدأ بإرادة صاحب المعاناة، وإلا يظل مجرد أمانٍ لا تقدم ولا تؤخر!.