ظلت آسيا أحد الاركان الرئيسة لتوجهات السياسة الخارجية السعودية، فبعد انهيار القطب الواحد، حصلت ثمة هيمنة أحادية الجانب، وكان العالم في هذه الفترة العصيبة يقف على اطراف اصابعه، ففيه جملة من المتغيرات السياسية والاقتصادية، وثورة هائلة في المعلومات، وايضا شهدت هذه المرحلة حالة غير مسبوقة من التدخلات العسكرية المباشرة، اثرت سلبا على الاقتصادات والعلاقات الدولية، غير ان المملكة بحكمتها واعتدالها، ظلت على انفتاح ايجابي من كافة القوى والمعادلات الجديدة، ففي الوقت الذي كانت روابطها استراتيجية مع العالم الغربي، الا انها كانت تتفحص حركة المتغيرات، ومستقبل عوامل القوة القادمة، وعليه اختطت المملكة سياسة تنويع العلاقات، وكانت سياسة التوجه شرقا مرحلة جديدة من ترسيخ العلاقات السعودية مع القوى الآسيوية الرئيسة، وتحديدا الصين واليابان والهند، اضافة لعلاقاتها النوعية مع الدول الاسلامية اندونيسياوباكستان. هذا التوجه المبكر ساهم في بناء اعمدة العلاقات الاستراتيجية مع المملكة ودول المجموعة الآسيوية، خاصة وان العالم يشهد حالة من التشابك في العلاقات على اختلافها، اضافة الى أن هذه الدول تعد سوقا رئيسا للنفط السعودي والخليجي، ولها دورها في الاقتصادات الدولية، حيث إن المملكة وهذه الدول أعضاء في قمة العشرين العالمية. زيارة ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان الى آسيا والتي تشمل باكستان، والصين واليابان، ورئاسة وفد المملكة في اجتماعات قمة مجموعة العشرين، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، والتي تعقد اجماعها يومَي الرابع والخامس من سبتمبر في مدينة «خانجوا»، إذ يقدم فيها سموه وجهة نظر المملكة، وتوجهاتها السياسية والاقتصادية السعودية محلياً وإقليمياً وعالمياً. السياسة الخارجية السعودية، منذ تسنم خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم، وهي تشهد حالة من الفاعلية والنشاط على المستويين الدولي والاقليمي، حيث اتخذت هذه السياسة شكلا أكثر جرأة من الماضي، واكثر انفتاحا على الشركات الدولية العملاقة، في ضوء سياسة التحول الاقتصادي التي بدأتها المملكة عبر خطة استراتيجية طموحة تتمثل برؤية المملكة 2030، وهي الرؤية التي ستكون محور لقاءات وتفاعلات سمو ولي ولي العهد والوفد المرافق له، حيث قدمت المملكة رؤيتها لمجتمع الاقتصاد الدولي، وتعبر عن رغبتها في شراكات إستراتيجية واستثمارات مشتركة، حيث ينظر للمملكة كقوة اقتصادية وسياسية مؤثرة عالميا وإقليميا. السعودية على موعد جديد في بناء علاقاتها الخارجية، يتزامن مع تطور داخلي كبير في البنى الرئيسة لاقتصادات القوة المتنوعة، وفي الخطط المستقبلية، وفي حالة الامن والاستقرار السياسي والاقتصادي، ومضاعفة دورها الاقليمي والدولي، واهمية هذا الدور في صناعة الامن والاستقرار، ومساهمتها في استقرار الاقتصادات الدولية، حيث تفتح امامها مشاركتها في قمة العشرين كدولة فاعلة امكانية الاستفادة من حركة الاقتصاد الدولي، حيث لايزال الاقتصاد القوة المحركة والمؤثرة في حركة السياسة الدولية. ان الرؤية السعودية 2030، تكشف عن رؤية المملكة لمكانتها ودورها الاستراتيجي المؤثر اقليميا وعالميا، وفي الاستثمار والتوظيف الامثل لمواردها، وفقا لخطة استراتيجية ومسارات اقتصادية واضحة، الامر الذي جعل البعض ينظر اليها في محتواها المالي، وابعادها وانعكاساتها على المواطن السعودي، وعلى دور المملكة الخارجي، وانطلاقا من ذلك تعيش المملكة اليوم ورش عمل متخصصة للتحول لترجمة هذه الرؤية الحلم، وهو ما سيثير دهشة دول العالم، ويجعل السعودية على قائمة الشركات العملاقة.