أكد اقتصاديون أن قمم العشرين السابقة خرجت بقرارات مهمة لإصلاح الاقتصاد العالمي، وساعدته في الخروج من أزمته، مشيرين إلى أن من أهم تلك القرارات التي أدت لتجاوز عدد كبير من دول العالم محنتها المالية والاقتصادية ما يتعلق بإصلاح المنظمات الدولية المالية الكبرى، وإعادة هيكلتها وترتيب وصياغة أنظمتها بما يتماشى مع التطورات الاقتصادية الحالية في العالم. وقالوا إن تعديل أنظمة البنك الدولي المركزي وصندوق النقد العالمي أسهم بشكل كبير في تخطي دول عدة أزماتها المالية، إضافة إلى القرارات التي أصدرتها تلك القمم والمتعلقة بفرض الرقابة المالية على مؤسسات المال والاقتصاد في دول العالم كافة، خصوصاً أن انعدام الرقابة المالية سيسهم في حدوث المزيد من الأزمات الاقتصادية لدول العالم وانهيارات في أنظمتها المالية. وأوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة فيلالي، أن «قمة العشرين تضم الدول ذات الاقتصادات الكبيرة، وللمرة الأولى في التاريخ الحديث تجتمع الدول ذات الاقتصادات القوية للتعاون بهدف التغلب على مشكلة الركود الاقتصادي الذي بدأ في أميركا وانتشر منها لدول العالم أجمع». وأضاف: «استطاعت القمم الماضية تحديد مشكلات هيكل الاقتصاد العالمي، ووجد المشاركون أن الخلل في أنظمة الاقتصادات العالمية الكبرى، ولا بد من تغييرها وتعديلها بما يتوافق مع التطورات الاقتصادية العالمية». وأشار إلى أن من تلك المنظمات الدولية التي رأت قمة العشرين إصلاح أنظمتها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، إذ تضمنت أنظمتهما أخطاء كبيرة لا بد من تغييرها، بحيث تكون أكثر فائدة لدول العالم، وقال إن «تغيير تلك الأنظمة والتعاون بين دول العشرين يساعدان جميع دول العالم في تجاوز هذه المحنة الاقتصادية التي لم يشهد العالم لها مثيلاً منذ ثلاثينات القرن الماضي وأزمة الكساد العظيم». وأكد رجل الاعمال محمد برمان اليامي أن قرارات القمم السابقة أسهمت بشكل ملحوظ في خروج عدد من دول العالم من أزمتها المالية والاقتصادية ولكن ببطء شديد، وقال: «نأمل أن تساعد القمة المقبلة بقراراتها في خروج تلك الدول بسرعة أكبر من أزماتها المالية». وتابع: «القمم السابقة أثبتت ثقل السعودية ومكانتها العالمية بين دول العالم، إذ تعد رائدة في العالمين الإسلامي والعربي، وتقود الدول المصدرة للنفط، إضافة إلى كونها دولة رائدة في مجال العمل الإنساني، خصوصاً أن السياسات التي تتبعها السعودية لا يمكن وصفها بالسياسات الأنانية، وتراعي سياساتها المصالح الاقتصادية لكل الدول». فيما ذكر سراج الحارثي عضو لجنة الاوراق المالية في الغرفة التجارية والصناعية بجدة ان توقيت اجتماع القمه لدول العشرين ذو اهمية خصوصا من الناحية الاقتصادية والسياسية, خصوصا بعد حضور الملك سلمان اعمال القمة العربية اللاتينية وبعدها حضور قمة دول العشرين, وهذه تعتبر من الناحية الاقتصادية ومن يحلل اقتصاديا قوة وثقلا اقتصاديا وسياسيا كبيرا للمملكة بقيادة الملك سلمان وخروجها من هذه القمم بحزمة من القرارات الاقتصادية التي تهم المملكة بالدرجة الاولى وثم العالم. وتوقع الحارثي أن اعمال القمة العشرين وبحضور الملك سلمان حفظه الله سوف تكون مهمة جدا والخروج بعدد من القرارات التي تهم المنطقة والعالم وسوف تكون هناك دفعة قوية وتحسين من المملكة للاقتصاد العالمي بالاتجاه الايجابي. من جانبه اضاف الدكتور واصف كابلي نائب رئيس لجنة الصادرات بالغرفة التجارية والصناعية بجدة أن المملكة تعتبر احدى الدول الكبرى من الناحية الاقتصادية والسياسية، وحضورها بوفد رفيع المستوى بقيادة الملك سلمان ما هو الا دلالة واضحة على قوة ومتانة الاقتصاد السعودي امام المجتمع الدولي، في ظل الاوضاع الراهنة التي تشهدها المنطقة سياسيا واقتصاديا، وعدم تأثر المملكة ولله الحمد بهذه النزاعات سواء اقتصاديا وسياسا. واشار كابلي في ثنايا حديثه الى عدة قرارات وقعتها المملكة لدعم التجارة بالمملكة ومنها «افتا EFTA» التي تم توقيعها منذ وقت سابق وهي اتفاقية اقتصادية مهمة، والتي تضم تكتلاً مكونًا من أربع دول أوروبية هي سويسرا والنرويج وآيسلاندا وإمارة ليختنشتاين, وتعد هذه الاتفاقية الثانية لتجارة حرة شاملة توقعها دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة، حيث تهدف إلى تحرير التبادل التجاري وتكامل الأسواق وتغطي تجارة السلع والخدمات والمنافسة وحماية حقوق الملكية الفكرية والمشتريات الحكومية وآليات تسوية المنازعات، ومن المتوقع أن تسهم اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين في تعزيز الشراكة الاقتصادية من خلال قنوات التجارة والاستثمار، حيث تقضي بإزالة أو تخفيض الرسوم الجمركية على معظم السلع مما سيزيد من تنافسية السلع التي ينتجها الجانبان، كما أن من شأنه أن تدعم اقتصادات دول المجلس عن طريق تحفيز الشركات للتصدير إلى الخارج، وأيضاً تساعد في عملية جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى دول الخليج، وتعتبر هذه الاتفاقية دعما للاقتصاد السعودي وللاقتصاد الخليجي بشكل عام. من جانبه يوضح الخبير الاقتصادي والمصرفي فضل بن سعد أبو العينين أنه يمكن النظر إلى حضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قمة العشرين مع وفد رفيع المستوى من عدة جوانب الأول اهتمام الملك سلمان بالجانب الاقتصادي وتوجهه الإستراتيجي بأن يكون الاقتصاد المحرك الأول للسياسات وبما يحقق الرفاهية والتنمية ويدعم النمو ويعكس الحجم الحقيقي للانفاق الحكومي. الثاني أهمية المملكة في المجتمع الدولي وفي مجموعة العشرين لما تمثله من ثقل اقتصادي ومرجعية لتحقيق أمن الطاقة عالميا ومركزها في العالمين الإسلامي والعربي إضافة إلى قدرتها على التأثير الإيجابي وبما يدعم الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي عالميا. الثالث قدرة المملكة على حشد الجهود الدولية لتحقيق الأهداف التنموية ودعم الاستقرار الدولي فهي للتو انتهت من تنظيم مؤتمر الدول العربية والدول اللاتينية وخرجت منه بقرارات اقتصادية وسياسية مهمة يمكن أن تكون رافدا لقمة العشرين خاصة وأن الإقليمين العربي واللاتيني يمثلان ثقلا اقتصاديا وبشريا في المجتمع الدولي. ونوه أبو العينين أن حضور المملكة قمة العشرين بُعيد اختتام قمة الدول العربية ودول أمركيا اللاتينية يؤكد على أهميتها الاقتصادية وقدرتها على التأثير وحشد الجهود الدولية، خاصة مع انتهاج الملك سلمان سياسة تقدمية في إدارة الاقتصاد وسعيه لإعادة هيكلته وبما يحقق الأهداف التنموية في الداخل، بالإضافة إلى قدرته على التأثير الخارجي وفق رؤية إستراتيجية تكاملية تعتمد على الشراكات الإقليمية والعالمية المحققة للأهداف الوطنية والقومية. ويتبع أبو العينين قائلا: الرابع هو التأكيد على أن المملكة ما زالت احدى أهم الدول المؤثرة في الاقتصاد العالمي من خلال الطاقة التي تشكل عصب الإنتاج وقاعدته الرئيسة، بالإضافة إلى حجم تجارتها الدولية وملاءتها المالية، وايضا باعتبارها «بنك النفط المركزي» عالميا وهي القادرة على ضمان إمداداته والتأثير على أسعاره، إضافة إلى قدرتها الاستثنائية في التعامل مع الأسواق بكفاءة في حال الأزمات وبخاصة في جانب الإمدادات حيث تمتلك المملكة طاقة إنتاجية إضافية وغير مستغلة يمكنها استغلالها في معالجة انخفاض الإمدادات الطارئة الناتجة عن الأزمات. ويختتم أبو العينين حديثه مؤكداً أن ما حققته المملكة في قمة الدول العربية واللاتينية وتأثير خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز الإيجابي فيها وقدرته على الحشد الدولي، ومن ثم مشاركته في قمة العشرين يؤكد مكانة المملكة السياسية والاقتصادية ودورها الفاعل في المنطقة وحجمها الاقتصادي الذي لا يمكن التشكيك فيه لمجرد انخفاض أسعار النفط الطارئة، أما فيما يتعلق بالاستقرار السياسي فهو أمر قد لا يستوعبه إلا من تشرب ثقافة بيت الحكم السعودي واطلع على آلياتها الراسخة والقادرة على مواجهة المتغيرات العالمية بتوفيق الله وبركته. من جانبه يؤكد المحلل المالي وعضو لجنة الأوراق المالية بغرفة جدة فهد البقمي أن المملكة تعتبر من أهم الدول التي انضمت لمجموعة العشرين نظرا لمكانتها وقوة تأثيرها في الاقتصاد العالمي فهي مصدر الطاقة للعالم التي تحتل اهتمام الدول، وأضاف: تملك السعودية مؤشرات اقتصادية تؤكد متانة وقوة الاقتصاد حيث تميزت بنظام مالي جيد ودعمت العديد من الإجراءات والخطوات التصحيحية للاقتصاد مثل فتح المجال للاستثمار الأجنبي وخلق سوق حرة للمنافسة إلى جانب أنها ذات تأثير كبير في التجارة العالمية، ونوه البقمي أنه لم يتوقف الأمر عند تلك الإجراءات بل ان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله دعا في العديد من المناسبات والمحافل الدولية إلى فتح المجال للتعاون الاقتصادي وتحقيق الأمن كعامل أساسي لنجاح الاقتصاد وأكد على دور المملكة في مساندة التجارة الحرة وفتح الأسواق وانشاء التحالفات والشراكات التجارية والاقتصادية التي تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي وتؤمن حاجة الإنسان من المواد الأساسية. ويختتم البقمي حديثه مؤكدا أن السعودية في هذه القمة سيكون لها دور ريادي في تجديد الدعوة إلى فتح الأسواق وإزالة العوائق والإجراءات التي تحد من تدفق التجارة بين الدول إلى جانب الحديث عن سياستها المالية وإجراءات التحوط للخروج من التباطؤ الاقتصادي الذي يحل بالعالم وخاصة في الاقتصاديات الناشئة. من جانبه أكد سالم بالخشر عضو لجنة المشروبات في غرفة جدة أن زيارة الملك إلى تركيا للمشاركة في اجتماع دول ال 20 تبعث رسالة اطمئنان خاصة إلى التجار والمستثمرين في المملكة والتي تعد أقوى قوة شرائية وأقوى اقتصادا في الشرق الأوسط، وهذا بفضل الله ثم بفضل جهود خادم الحرمين الشريفين وملوك المملكة، وخطط المملكة الاقتصادية التي تسير بخطى ثابتة ومتوازنة، بوأتها المكانة الاقتصادية المرموقة على مستوى العالم، وسيكون لها صدى ليس على المستوى العربي وإنما الأسيوي والعالمي، رغم ما تمر به الدول المجاورة من ظروف قاسية ومحن عصيبة تقف المملكة شامخة أمامها بقوة حتى تضمن الاستمرارية لاقتصادها وأمنها، داعياً الله أن يحفظ أمن واستقرار البلاد الذي يحمل شرف خدمة الحرمين الشريفين. وفي السياق ذاته أكد أحمد البيتي أحد تجار الجملة أن المملكة تمتلك الخطط الاقتصادية التي تتكفل باستقرار اقتصادها الوطني، ودخول المملكة اقتصاد العشرين هذا دليل واضح على قوة ومكانة المملكة عالمياً، وقد أوضحت المملكة أنها تمتلك رؤية اقتصادية سديدة لتجاوز الأزمات رغم الظروف السياسية التي تحيط بدول الجوار، موضحاً أن الإجراءات في مجال السياسة المالية العامة والسياسة النقدية لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية في المملكة تنبع من التشريعات الإسلامية التي تحافظ عليها المملكة منذ قيامها، وتوجه المملكة للتوسع التجاري بين دول العالم، جعل العالم يثق بالصناعات السعودية، والان التوجهات في صنع في مكة وصنع بالمدينة أعطت دعاية قوية لجودة الصناعات السعودية.