توجد في الدستور الأميركي ثلاثة متطلبات فقط، لكي يصبح الشخص مؤهلاً ليكون رئيساً للولايات المتحدة. أولها يجب أن يكون قد بلغ من العمر 35 عاماً على الأقل. وثانيا أن يكون قد أقام في الولاياتالمتحدة لمدة لا تقل عن 14 عاماً، وثالثاً أن يكون مواطناً أمريكياً عند ولادته. لكن بخلاف ذلك، ليس هناك شيء سهل لكي يصبح الشخص رئيساً للبلاد. يوجد لدى الأمريكيين أطول وأغلى نظام لانتخاب رئيس دولة، ويقال: إنه النظام الأكثر تعقيداً في العالم. ثم إنه بعد كل المناظرات والمؤتمرات التحضيرية والانتخابات الأولية والمؤتمرات الحزبية يمكن للشخص الذي فاز بأكثر الأصوات أن يخسر هذا السباق. إنه نظام مربك ويصعب على غير الأمريكيين فهمه، وحتى على كثير من الأمريكيين أنفسهم. يختار الأمريكيون رئيساً كل أربع سنوات، ويكون ذلك في يوم الثلاثاء من شهر نوفمبر. وبحلول ذلك اليوم يكون كل من المرشحين اللذين يمثلان الحزب الجمهوري والديموقراطي في يوم الانتخاب قد مرا بأمان من خلال سلسلة طويلة من الانتخابات الأولية (التصويت على ورقة انتخابية) على مستوى الولايات والمؤتمرات التحضيرية (التصويت برفع الأيدي أو بتجميع كل مؤيدي المرشح في مكان واحد أو في غرفة واحدة) التي تعقد اعتبارا من شهر فبراير وحتى نهاية شهر يونيو. وبعد ذلك تختار كل ولاية مندوبين لإرسالهم إلى مؤتمر الحزب الديموقراطي والجمهوري، حيث تقوم هذه الوفود عادة بترجمة الأصوات الشعبية إلى موافقات رسمية على مرشح الحزب في شهر نوفمبر. يعتمد الديموقراطيون أيضاً على «مندوبين غير منتخبين» وصناع قوانين وحكام ولايات ورؤساء سابقين ومسؤولين حزبيين وطنيين من الذين لديهم حرية مساندة أي مرشح، بغض النظر عن الكيفية التي تمت فيها الانتخابات في ولاياتهم. وفي العقود الأخيرة، استخدمت المؤتمرات الحزبية لتكون عرضاً ضخماً على شاشات التلفزيون للثناء على المرشح الذي تم اختياره فعلاً، والشخص الذي تم اختياره ليكون نائباً للرئيس في السباق نحو الرئاسة. وإذا لم يتمكن أي من المرشحين من الفوز بأغلبية أصوات المندوبين سلفاً، هناك مؤتمرات منافسة تعقد جولات من التصويت حتى توافق أغلبية على مرشح واحد. وعلى الرغم من تعهد أغلب مندوبي الولايات بالتصويت بالطريقة ذاتها التي صوتت بها ولاياتهم في مؤتمر التصويت الأول، وفي الجولات اللاحقة، إلا أن هؤلاء المندوبين لديهم القدرة على التصويت بأية طريقة يرغبون بها. كان لدى الولاياتالمتحدة رئيس منتخب منذ بدء سريان الدستور في عام 1789، وما زال لديها مثل هذا الرئيس. ومنذ فوز الرئيس لينكولن بهذا المنصب في عام 1860، كان كل هؤلاء الرؤساء أعضاء في الحزب الجمهوري أو الديموقراطي. وقد واجه المرشحون من خارج هذين الحزبين صعوبات أثناء انتخابات الولايات للوصول إلى الانتخابات العامة في شهر نوفمبر، ولم يتمكن واحد منهم أبداً من الحصول على نسبة أفضل من 27.4 بالمائة التي حصل عليها الرئيس الديموقراطي السابق، ثيودور روزفلت في عام 1912، الذي نافس في ذلك الوقت عن حزب بول موز، للحصول على بطاقة الفوز. الشكل الأكثر غرابة في هذه المنافسة هو المسمى إلكتورال كوليج (أي الكلية الانتخابية)، الذي أنشأه مؤسسو الأمة كحل وسط بين الذين يفضلون التصويت الشعبي المباشر وأولئك الذين يريدون من صناع القوانين (أي النواب) اختيار الرئيس (مثلما يحصل في لبنان). يخصص لكل ولاية في هذا النظام عدد من أصوات الكلية الانتخابية مساوٍ لعدد ما لديهم من أعضاء في الكونغرس، وهي المعادلة التي تعمل على تضخيم أهمية الولايات الصغيرة. في أوائل القرنين التاسع عشر، اعتمدت الولايات التي تريد زيادة تأثيرها طريقة الفائز يأخذ كل شيء، وهي التي تمنح كل أصوات الكلية الانتخابية إلى أي مرشح يفوز بأغلبية الأصوات في تلك الولاية في يوم الانتخابات. كانت ولايات مين ونبراسكا هما الاستثناء الوحيد في ذلك، فهما اللتان تمنحان صوتا انتخابيا إلى الفائز في كل مقاطعة انتخابية في الكونغرس، وصوتين انتخابيين لكل فائز على مستوى الولاية. نظام الفائز الذي يأخذ كل الأصوات أدى بالكلية الانتخابية إلى اختيار رؤساء لم يفوزوا بغالبية الأصوات في الأعوام 1876 و1888 وفي عام 2000، عندما فاز الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش على الديموقراطي آل جور بعد مضي أسبوع على عملية إعادة عد الأصوات، رغم أن جور حصل على أغلبية الأصوات من حيث العدد. وبعد كل نوع من هذه الانتخابات، تتجد الدعوات للمطالبة بجعل الفائز هو الشخص الذي يحصل على غالبية الأصوات. ولكن توجد ولايات، خاصة الصغيرة منها، لا ترغب بهذا التحول، مشيرة إلى فقدان تأثيرها في الانتخابات. كما يعمل نظام الكلية الانتخابية على إجبار المرشحين على التركيز على عدد قليل من «الولايات المتأرجحة»، حيث تُظهر الانتخابات نتائج تنافسية متقاربة، لأنه يصبح من المسلم به ضمان أصوات الكلية الانتخابية في كاليفورنيا المؤيدة للديموقراطيين أو في تكساس المؤيدة للجمهوريين. يزعم نقاد هذا النظام بأن حفنة صغيرة من الولايات تستطيع بالفعل تقرير نتائج الانتخابات، وبذلك تحصل مشاكل المدن على اهتمام أقل. أما المدافعون عن النظام فيقولون إنه بخلاف ذلك سيتم إهمال قضايا الولايات الصغيرة والمناطق الريفية. هناك إجماع واسع على أن المال يلعب دوراً كبيراً جداً في الحملات الانتخابية. فمثلاً من المقدر أن يكون مرشح كل حزب في عام 2016 قد أنفق مليار دولار بحلول يوم الانتخابات، وأغلب هذا المال ينفق على الدعاية. ولذلك تصبح محطات التلفزيون المحلية من بين أكبر الرابحين في هذه العملية الطويلة، وهي التي تحصد هذه الدولارات من الدعاية، وكذلك السياسيون المهووسون بالانتخابات من الذين يحبون مشاهدة هذه الملحمة البطولية وهي تتكشف أمامهم.