ماذا يجري في العالَم؟ نُمْسِي ونصبحُ على حروب وانفجارات وإرهاب وإطلاق نار، وانقلابات وكراهية وصراخ وتطرف، واحتراب جماعي، وإثني.. ماذا جرى لهذا العالَم؟ دمٌ يُسال في كل مكان، وليس آخرها ألمانيا، وربما القادم أسْوَأ.. في كل يوم تزداد قناعتي- والحال هذه- أن ابتعاد أغلب الناس في محيطنا العربي عن الفن وأنهاره من شعر وقصة وأدب، وموسيقى وغناء ومسرح وفنون تشكيلية وثقافة عامة (غير مؤدلجة)، واستلهام من الآثار الحضارية (التي يراها متدينو آخر زمن أنها ضربٌ من الأوثان التي يجب تدميرها، وهي التي سَلِمَتْ من التدمير في العصور الماضية التي كان أهلها أكثر إيمانا من أهل هذا الزمن).. أقول: إن ابتعاد الناس عَمّا ذُكِر هو سبب ورأس كلّ هذا العنف، ولَدَيَّ أكوامُ من الأدلة النقلية والعقلية والواقعية والتاريخية وغيرها، ولن نلتفت إلى تأويلات أعداء هذه المنابع الجميلة الناعمة التي تُهَذِّبُ النفس وتصقل الروح وترتقي بها إلى السلام والحب لكل البشر، والتي لا ينجم عنها عداء، ولا إرهاب، ولا جروح، ولا ضحايا، ولا قضايا! ودونكم النتاجات في كل نواحي الحياة بسبب انتشار الحب والفن والموسيقى، والابداعات الإنسانية الأخرى، واختفاء الجفاف والكراهية ولا نقول انعدامهما. سأورد مثالا حيا على ذلك: فقد غادر عدد من أعضاء إحدى مجموعات (الواتس أب) منها بشكل فوري وتبعهم آخرون لاحقا، بمجرد أن أحد أعضائها وضع- ذات صباح- رابط (يوتيوب) لأغنية فيروز متعها الله بالصحة والعافية «نَسَّم عليْنا الهوا»! وأسوأ ما يمر عليك في هذا النزف المتدفق من المشاركات في مجموعات (الواتس أب) عبارة: (نأسف لوجود موسيقى مصاحبة)، فالرد الواجب على ذلك: نأسف على وجود هذه المشاركة أصلا.. لم يمر على المنطقة الخليجية طقس حار لا يُحْتَمَل منذ أكثر من نحو 112 عاما، كما يمر هذا العام، وذلك بحسب المعلومات التي تناقلتها مراكز الأرصاد الجوية العالمية.. لطفك يا رب. كَثُرَ الحديث عن جامعة الملك فيصل بالأحساء في مسألة القبول، (وليس آخره مقال الدكتور محمد الغامدي في صحيفتنا الغراء)، وأنها تقبل الطلاب غير الأحسائيين، وترفض الأحسائيين، فينطبق عليها المثل الخليجي المعروف: (عين عَذاري تسقي البعيد، وتخَلّي القريب)، وعذاري: عينٌ طبيعية شهيرة في البحرين، كانت تتدفق بغزارة حتى مطلع التسعينيات الهجرية/ السبعينيات الميلادية المنصرمة، وقد صنع البحرانيون هذا المثل من واقع حال العين حيث إن ماءها كان يسقي المناطق البعيدة عنها في البحرين، ولا يسقي ما حولها، فجاء المثل سائرا لمن يعطي البعيد الأبْعَدْ، ويترك القريب الأَوْلى، وهذا ما هو حاصلٌ في جامعتنا الأحسائية العريقة التي نعتز بها ونحبها، ونفخر بأدائها وأنشطتها حيث إنها تقبل أبناء المناطق الأخرى دون أبناء الأحساء. صحيح أن وطننا واحد، ومناطقنا واحدة، وأبناء المملكة هم أبناء كل المناطق دون فرق، لكن الجامعات الأخرى لا ينطبق عليها المثل البحريني، فأولويتها أي الجامعات الأخرى- لأبناء المنطقة التي فيها الجامعة، ثم من بعدهم أبناء المناطق الأخرى في المملكة، كما أن حكومتنا الرشيدة أيدها الله لم تفتح هذه الجامعات في مناطق مختلفة من بلادنا الغالية إلا لتخفيف الضغط على المناطق، ولتكون الجامعة قريبة من سكن الطلاب وبيوتهم، هذا والشكاوى تزداد حول الجامعة فلا ردود على البريد الإلكتروني، والموقع يوم مفتوح، ويوم مقفل، ولا ردود على الجوالات، ولا إجابات على المراجعين في مختلف الكليات- إلا ما نَدَر وكل يوم لها نظام، وتعليمات تتناقض مع السابق فلا يعرف الطالب كيف يتصرف مع الأنظمة اليومية المتفارقة. ويجرنا الحديث إلى جامعات المملكة بشكل عام- ومنها جامعة الملك فيصل- وهو إفادة عدد من الأكاديميين والمختصين السعوديين بقولهم: (إن جامعاتنا مستمرة في نظام الاستقدام من خارج المملكة، وترفضنا بشروط تعجيزية، وهناك- والحديث للأكاديميين- أكثر من 26 ألف متعاقد يشغلون تخصصات لها مَنْ يشغلها مِنَ المواطنين الأكاديميين)، ونكتفي بهذه الشهادة. أختم المقال بأبيات رقيقة للشاعر العربي الكبير بدوي الجبل (محمد سليمان الأحمد: 1321 1402ه/ 1903-1981م): شجاها من عهودكَ ما شجاها وجنّ الليل فادّكَرَتْ أساها أحِبُّ الحُسْنَ في الحَدَق الرّواني وفي ثغر الفتاة، وفي لُماها وفي ضحك الطفولة وهْو سِحْرٌ وفي مَرَح الصّغار، وفي دُماها