على الرغم من المخاطر الجمة التي تحيط بتركيا من الخارج وعلى الرغم من عدم الاستقرار السياسي النسبي فما زالت الاوساط الاقتصادية تترقب الاوضاع السياسية التي عصفت بتركيا جراء الانقلاب الفاشل ترقباً حذراً ومتابعة لحظية للأسواق المالية وما نجم عن اثرها ولعل تراجع الليرة التركية خلال لحظات الانقلاب بنسبة 4.6% إلى أدنى مستوى لها في 8 سنوات وهو أدنى مستوى للعملة منذ عام 2008 سيكون اثره الاقتصادي عميقا وهو بداية جديدة في ان تلقي الاحداث الجارية على توقعات الأداء الاقتصادي في تركيا التي تصنف ضمن دول مجموعة العشرين في العالم. مخاطر الاقتصاد التركي اليوم من هذا الانقلاب عالية جداً مما سيخلق أزمة ركود خطيرة في الاقتصاد التركي نظرًا لاعتمادها على الاستثمار الأجنبي لتمويل عجزها في الحسابات الجارية لما يلعب هذا الاستثمار من دور رئيسي في الصناعة والأعمال المصرفية والنقل والاتصالات مما سيسهم في توسع فجوة العجز المالي خلال الفترة المقبلة، وهذا يؤكد ما لعبه العقد الذي تولى فيه العدالة والتنمية الحكم بعد ان أجرى ثلاث حكومات متعاقبة إصلاحًا شاملًا للاقتصاد التركي الذي يفوق أداؤه حاليًا أداء دول عديدة تعاني أزمات بمنطقة اليورو من حيث مختلف مؤشرات الاقتصاد الكلي. خلال ساعات الانقلاب الفاشل قفز سعر الذهب الى 10 دولارات وزادت أسعار النفط إلى أكثر من 1 % في التعاملات اللاحقة على التسوية وارتفعت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 71 سنتا أو 1.50% إلى 48.08 دولار للبرميل بعد أن كانت سجلت 47.61 دولار عند التسوية، وهذا يؤكد ان الاضطرابات السياسية تلعب دوراً هاماً في تغيير نمط معدلات النمو في اسواق العالم، ولكن تأثر تركيا في اقتصاديات العالم يعد مختلفا عن بقية دول العالم كون اقتصادها يحتل المرتبة الرابعة في قائمة دول مجموعة العشرين من حيث سرعة النمو بعد ان سجل الاقتصاد التركي نموا بنسبة 4.8% في الربع الأول من 2016 متجاوزا بذلك الرقم المتوقع من الاوساط الاقتصادية. ووفقاً لإحصاءات وتقارير البنك الدولي فقد احتلت تركيا المركز الثامن عشر بناتج محلي بلغ نحو 722 مليار دولار في مؤشرات دول العالم اقتصادياً عام 2015 وفق حجم الناتج المحلي فيما احتلت تركيا المرتبة الرابعة عشرة في متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي بمبلغ 9312 دولارا بعد ان حققت قفزات نوعية خلال السنوات الماضية. خلاصة القول نحن مع منعطف اقتصادي جديد بعد هذه الازمة وتبعاتها وحيث إن التداعيات على الاقتصاد التركي ستكون مستمرة في كافة القطاعات الاقتصادية مما سيوثر ذلك على المستثمرين من رؤوس الاموال الاجنبية في معدلات النمو والانتاج خلال الفترة المقبلة بغض النظر عن التطورات السياسية فاليوم لدينا في تركيا ما يقارب 700 شركة سعودية ضخت استثمارات بما يقارب 2 مليار دولار أمريكي في الاقتصاد التركي.