حققت تركيا خلال عشر سنوات في عهد أردوغان، المنتخب ديمقراطياً لثلاث فترات متتالية، إنجازات اقتصادية عظيمة لم يُسبق لها مثيل. اعترفت بهذه الإنجازات دول الاتحاد الأوروبي (EU) والولايات المتحدة والمنظمات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، كما تحتل تركيا الدولة السابعة عشرة ضمن مجموعة العشرين (G 20)، بينما تحتل المملكة المرتبة الثامنة عشرة ضمن المجموعة الدولية، مما يضع تركيا في مراتب الدول الكبرى بجانب السعودية من حيث القوة الاقتصادية. لقد ارتفع دخل الفرد التركي بنسبة 350% من 3000 دولار إلى 11000 دولار خلال فترة حكم أردوغان التي قاربت عشر سنوات، أي بمعدل 35% سنوياً، وذلك بفضل السياسات الاقتصادية الحكيمة التي تقوم على تعزيز الإنتاج الصناعي الوطني والانفتاح الاقتصادي ومكافحة الفساد والنهضة التعليمية، وتشجيع الابتكار والتحوُّل نحو اقتصاد المعرفة. وفي عهد أردوغان حقق الاقتصاد التركي نسبة نمو زادت على 6% سنوياً، في الوقت الذي شهد معظم دول العالم المتقدم تراجع نسب النمو الاقتصادي فيها لتتراوح بين الصفر و2%، كما هي الحال في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية. المستفيد الأكبر من النهضة الاقتصادية في عهد أردوغان هي الطبقات الفقيرة والمتوسطة، حيث ارتفع مستوى معيشتها ليفوق مثيلاتها في الدول الأوروبية، مما دفع الشعب التركي إلى المطالبة بالتخلي عن فكرة الانضمام للاتحاد الأوروبي الذي تعاني معظم دوله من ارتفاع المديونية والبطالة والركود الاقتصادي ومحاولات الإنقاذ المالي المتعثرة. رافق النمو الاقتصادي التركي ارتفاع مستوى التعليم في تركيا باتجاه المجتمع المبني على المعرفة، وقد ركز أردوغان على تعليم المرأة التركية التي حُرمت في السابق من التعليم الجامعي بسبب تحجُّبها. تتعرَّض سياسات أردوغان في الداخل والخارج إلى هجمة شرسة لإجهاض النهضة الاقتصادية ونزعة الاستقلال وعدم التبعية ومناصرته القضايا العربية، ورغم ذلك تدل كل المؤشرات على ارتفاع فرصة انتخاب أردوغان لرئاسة تركيا في عام 2015م، بسبب قاعدته الشعبية القوية في حزب العدالة والتنمية. إن توجُّه القيادة السعودية الرشيدة خلال زيارة سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز إلى تركيا مؤخراً، وعقد الاتفاقيات الصناعية والعسكرية، أدى إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع تركيا، مما يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح، وهو أمر حيوي لكلا البلدين في وقت تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية. ندعو بقية الدول العربية إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع تركيا أسوة بالمملكة، تقديراً للدور الإيجابي لتركيا تجاه القضايا العربية، ولكونها نموذجاً اقتصادياً يُحتذى به.