هناك صناعات وطنية لا بأس بها منتشرة في أسواقنا المحلية، ولكن ما مدى ثقة الناس بها؟، فالمستهلك الخليجي مثقف في عملية الاستهلاك بصورة لافتة ولا يفوت على نفسه التعرف على المنتج الذي يريد شراءه ومنشأه ومواد التصنيع، كما بات أمر الحصول على منتج أجنبي لا يتوافر في السوق المحلية بالعسير فالتجارة الالكترونية سهلت الكثير، لذا فإن معدل التنافسية بات مرتفعاً جداً. يكمن سر نجاح أي صناعة في جودة «المراقبة والاشراف» وليس فقط في المنتج نفسه، فدقة المراقبة هي ما تصنع منتجا يحقق نجاحه في السوق وإن أخذ وقتاً، إذ تمنح المنتج تميزا وجودة وقدرة على المنافسة في أسواقنا المفتوحة. وكذلك المراقبة في أسواقنا، فلابد أن تعطى هيئة المواصفات والمقاييس دوراً كبيراً للاشراف على الصناعات المحلية وأن تنزه عن الفساد والمحسوبيات، وتعبأ بكوادر مؤهلة، فنجاحها يكمن في نجاح قطاع كامل هو قطاع الصناعات المحلية. ليس من الجيد أن يستبدل المستهلك المحلي المنتج الوطني بالمنتج الأجنبي الذي قد يكون أقل سعراً، الأمر لا يتعلق بعقدة المنتج المحلي، إنما بالوعي الاستهلاكي، وإن كان السلوك الاستهلاكي سيئا بسبب توافر السيولة، ولكن اتصاف المستهلك الخليجي بالوعي حين الشراء أمر جيد، فإن أردت شراء منتج ما عليك إلا البحث عنه في الانترنت لتكتشف الآراء على المنتج ذاته مما يتيح لك أخذ قرار بالاقدام أو التراجع. لذا فإننا أمام اختبار كبير في الوقت الذي نرى فيه ضرورة تطوير قطاع الصناعات الوطنية والمحلية، هناك منافسة وهناك مستهلك ذكي، وهناك أمر في غاية الأهمية وهو معيار الوطنية التي قد ترجح المنتج المحلي في حال كان هناك تكافؤ بينه وبين الأجنبي ألا وهو الولاء والوطنية اللذان أرى تراجعهما كثيراً في السنوات الأخيرة. فالوطنية يجب أن تكون حافزا لرجل الأعمال أن يعلي اسم وطنه بمنتج ذي جودة وسعر تنافسي، ويحث المستهلك على شراء المنتج المحلي لدعمه وتشجيعه، ولكن لم يعد اسم الوطن مشجعاً في عملية التصنيع والاستهلاك في بلداننا، وذلك مرده عدم تعزيز وتحفيز هذا الجانب، فلا يمكن أن يفرض على الناس شراء منتج ليس بالكفاءة المطلوبة فقط لأنه وطني، ولا يمكن اجبارهم على دعم اقتصاد البلاد بشراء منتج باهظ الثمن فقط لأنه محلي. فالكثير من الصناعات المحلية بالذات من المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر تغالي في سعر منتجاتها وتتسول الشراء لأنها محلية وهذا الأمر به الكثير من قلة الوعيّ فيحتاج مثل هؤلاء لورش تثقيفية في الترويج والتسويق ووضع الأسعار. رفع سعر منتج عالمي مشابه لا يعطي المنتج المحليّ الحق في أن يباع بالسعر ذاته، فالمنتجات المستوردة يرتفع سعرها بسبب الشحن والجمارك ورسوم السوق لذا هناك فرق في السعر حين يبتاعها الفرد من بلد المنشأ.