اتفق مختصون في قطاع المواد الغذائية على أن هناك تحولاً في النمط الاستهلاكي للمستهلك السعودي نحو شراء المنتج المحلي، بعد أن كان يفضل شراء المنتجات الغذائية العالمية المعروفة، مشيرين إلى حدوث تحول في الثقافة الاستهلاكية في المجتمع السعودي وعدم الاعتماد على العلامات التجارية (الماركات) العالمية. وأكدوا ل«الحياة» أن المنتج المحلي بات منافساً قوياً للمستورد، إذ يتميز بالجودة، وأصبح مطلوباً في الأسواق الخارجية، كما أن سعره أقل مقارنة بغيره، وهو ما أدى إلى تحول المستهلك في السعودية إلى المنتجات المصنّعة داخلياً، مطالبين بحل الصعوبات التي تواجه المستثمرين السعوديين في مجال المواد الغذائية، ومنها عدم منح المتطلبات الأساسية للصناعة مثل الإعفاءات جمركية، ونقص الأيدي العاملة المؤهلة سواء السعودية أو الأجنبية، إضافة إلى الانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي. وتشير التقديرات إلى أن حجم سوق المواد الغذائية السعودية يبلغ نحو 70 بليون ريال سنوياً، وينمو بمعدل 7 في المئة، مشيرين إلى أن المملكة تعد أكبر مستورد للسلع والمواد الغذائية في الشرق الأوسط، إذ تصل القيمة الإجمالية لوارداتها من المواد الغذائية إلى 50 بليون ريال في العام، ومرشحة لنمو سنوي نسبته 15 في المئة. وأوضح عضو مجموعة البترجي المدير العام لمصنع البترجي عضو لجنة صناعة الأغذية والمشروبات في غرفة جدة إبراهيم محمد بترجي أن جودة المنتج المحلي أصبحت أفضل حالياً من بعض المنتجات الأجنبية، خصوصاً في آخر 20 سنة، وهو ما أدى إلى توجه المستهلك في المملكة إلى المنتجات الغذائية المحلية الصنع، مشيراً إلى أن الصناعة السعودية المحلية أثبتت كفاءتها من حيث الالتزام بالمواصفات والمقاييس، كما أن هيئة المواصفات والمقاييس تتابع المصانع بشكل دوري. ولفت إلى أن «المنتج السعودي أصبح مطلوباً في أسواق خارجية، كما أن بعض المنتجات السعودية ذات جودة أعلى من المنتجات ذات (الماركات) العالمية، وهو ما أعطى المستهلك السعودي ثقة في المنتج المحلي». وعن أبرز المشكلات التي تواجه مصنعي الأغذية في السعودية، قال بترجي إن «انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر، خصوصاً في فصل الصيف يمثل إحدى أهم المشكلات، إضافة إلى نقص العمالة المؤهلة سواء السعودية أو الأجنبية، والإعفاءات الجمركية التي لا تمنح لجميع المتطلبات للصناعات الأساسية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار». من ناحيته، أشار العضو المنتدب لشركة حلواني إخوان عضو لجنة صناعة الأغذية والمشروبات في غرفة جدة صالح حفني، إلى أن المنتجات السعودية أثبتت كفاءتها في الأسواق المحلية والأجنبية، لأن المستهلك أصبح ينظر إليها بثقة كبيرة من ناحية الجودة، إضافة إلى خلوه من أي مشكلات صحية، وهو ما حوّل المستهلك في السوق السعودية من منتجات ذات (ماركات) عالمية إلى المنتج المحلي. وأضاف أن هناك كثيراً من المشكلات التي تواجه مصنّعي الأغذية في السعودية، ومنها ارتفاع المواد الأولية وتذبذبها في الأسواق المحلية والعالمية، إضافة إلى عدم توافر الأيدي العاملة المؤهلة. من جهته، أوضح المستثمر طلال أبو زير أن المستهلك السعودي تغيرت توجهاته وثقافته الاستهلاكية التي كانت سائدة في الفترة الماضية، والتي تقوم على الاعتماد على المنتجات العالمية من دون غيرها، ولكن بعد أن كسب المنتج المحلي الثقة بدأ تحول المستهلكين إلى المنتجات المحلية ذات الجودة العالية، إضافة إلى رخص السعر، مشيراً إلى أن تشجيع المنتج المحلي عامل أساسي للحد من الغلاء، وذلك لعدم تأثره ببعض العوامل بشكل مباشر مثل أجور النقل والشحن وغيرها من الأمور. وشدّد على أن حماية المستهلك السعودي من ارتفاع الأسعار من الصعب أن يتم من خلال تشكيل لجان أو هيئات تقوم بعدد من الإجراءات البسيطة، خصوصاً أنه لا توجد لدينا آلية لوضع سقف محدد ونهائي للأسعار، كما أن قطاع تصنيع واستيراد المواد الغذائية يعد من أضخم قطاعات الأعمال على المستوى العالمي، وتتحكم فيه شركات عملاقة، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يشهد هذا العام استقرار وانخفاض أسعار بعض المنتجات الغذائية التي ارتفعت في الفترة السابقة نتيجة نقص المعروض عن الطلب العالمي. وطالب المحلل الاقتصادي الدكتور أيمن الشريف بحملة وطنية لتوعية المستهلك وتعريفه بالأسباب الحقيقية لارتفاع الأسعار والإجراءات التي يمكن أن يتخذها المستهلكون للتخفيف من آثار ارتفاع الأسعار، خصوصاً أن السوق السعودية مفتوحة بالكامل للاستيراد. ولفت إلى أن المملكة تستورد جزءاً كبيراً من حاجاتها من المواد الغذائية من الخارج، إضافة إلى أن الصناعات الغذائية المحلية تعتمد أساساً على استيراد المواد الخام من الأسواق العالمية مثل زيت الطعام والسكر الخام والحليب المجفف، وارتفعت أسعار المواد الخام لهذه المنتجات بنسب عالية خلال الفترة الماضية، وتعدى ارتفاع بعضها 100 في المئة، علاوة على ارتفاع أسعار الشحن وكلفة العمالة والإيجار والتخزين والتغليف والنقل بشكل واضح. واعتبر الشريف أن تشجيع المنتجات المحلية سيسهم بشكل كبير في تغيير ثقافة الاستهلاك في السوق السعودية، وتوجهها نحو المصنَّع محلياً.