ليست هي المرة الأولى التي تحاول فيها إيران انتهاك سيادة مملكة البحرين وجرها إلى الفتنة، كما فعلت في العراق وسوريا واليمن، وقبلهم لبنان وكل أرض وطأتها أقدام الملالي أو وكلائهم، فقد حاولت ذلك مرارا وبأساليب مختلفة، قبل أن تتصدى لها قوات درع الجزيرة عام 2011 م، وتحول بينها وبين انفاذ مخططها الإجرامي في دفع أعوانها لإثارة الشغب هناك، ومن ثم إدخال البلاد في أتون النزاع الطائفي، ما يمكنها بالتالي من بسط نفوذها، فما زالت حكومة طهران تلعب ذات الدور لأنها تعتبر أن البحرين هي بوابتها تجاه الخليج، خاصة بعدما أغلقت عاصفة الحزم باب اليمن الذي حاولت أن تستخدمه إيران للعبور إلى المنطقة التي تشكل هاجس الصفويين الرئيس، ورأس أطماعهم وصولا إلى مكةالمكرمة والمدينة المنورة، والتربع على ثروات الخليج لإعادة امبراطورية فارس المزعومة. اليوم وبمنتهى الوقاحة يخرج قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني مهددا البحرين والمنطقة بأسرها بانتفاضة دامية ومقاومة مسلحة على حد وصفه، ومن يستمع إلى هذا التهديد يتصور أن البحرين أو دول الخليج قد أغارت على طهران أو دخلت بقواتها إلى الأحواز المحتلة، في حين أن ذريعة الإرهابي سليماني ومن يقف خلفه، هي لماذا تسقط مملكة البحرين وبحكم قضائي جنسيتها عن أحد المواطنين البحرينيين المعممين المحسوبين على إيران؟ وهذا انتهاك بشع وصارخ ووقح لسيادة دولة أخرى لا يحق لا لإيران ولا لغيرها أن تتدخل في أحكام قضائها، ولا في قراراتها السيادية، لكن نظام طهران - الذي سبق أن افتعل نفس الموقف مع المملكة عند تنفيذ حكم القضاء في أحد المواطنين ضمن مجموعة من المدانين - يريد أن ينتهز أي فرصة لاختلاق الذرائع والمبررات التي تتيح له التحرك لدفع أعوانه ووكلائه ومن باعوا ذممهم وضمائرهم له لشق الصف في بلادهم، إيذانا بتحقيق أغلى أماني قياداته التي لا ترى في كل ما حولها إلا أرضا فارسية وخليجا فارسيا، لأن طيش هؤلاء الحمقى الذين أغوتهم اتفاقيات النووي مع من كانوا يصفونه بالشيطان الأكبر ربما بات يُشعرهم بأنهم حصلوا على تصريح مطلق بالتحكم في المنطقة، والتصرف بدولها وشعوبها كإقطاعيات فارسية وعبيد. إيران التي فرغت من تدمير البلدان التي وطأت أقدام الحرس الثوري تربتها، لم يتوقف طيشها عند هذه الدمارات، وهذا القتل المجاني، لأن درة تاج أحلامها ليس فقط في أن تحتل هلال الشام وتستولي على ركامه بعد أن دفنت بعض مواطنيه وهجرت البعض الآخر، وإنما أن تبتلع المنطقة برمتها، مستفيدة من هذا الارتخاء المريب في الموقف الدولي أمام الجرائم الإيرانية التي تجاوزت كل الحدود والأطر والأعراف، وباتت تختلق المبررات ليدوس جنرالات الاجرام في حرسها الثوري بأقدامهم النجسة سيادة دول قائمة، سعيا للوصول إلى الحلم الأكبر وهو قيادة العالم الإسلامي على الطريقة الصفوية، وهو الحلم الذي سيمرغ في التراب، لأن العالم الإسلامي الذي يتعاطف ويقف اليوم إلى جانب البحرين في قراراتها، لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا الطيش النزق، وإن تعامى عنه الغرب والعالم لحسابات الحقل والبيدر، فلن تتعامى عنه أمتا العرب والمسلمين اللتان تعرفان يقينا أحقاد الفرس ومطامعهم.