شعب دول الخليج في معظمه شعب مسلم منقسم إلى طائفتين عزيزتين هما السنية والشيعية وبينهما قرابة دم وجوار وشراكة وطن ، وكلتا الطائفتين انتماؤها عربيا مثل ما هو التراب الذي تتحرك عليه أعمالهما وأحلامهما عربيا أيضا ، دول هاتين الطائفتين أرادت بطواعية أن يكون لها شكل اتحاد سياسي يحفظ لها أمنها ويلبي طموحات شعوبها ، ثبت اتحاد أهل الخليج أمام عواصف كثيرة مزقت من شدتها أشرعة جميع الاتحادات العربية ، وبقي شراع المركب الخليجي صامدا وسالما تحميه سواعد أبنائه من الانكسارات الخارجية وبعض العبث الداخلي ؛ حيث يرى المنطق الخليجي أن أي قوة تحاول سحب طرفيْ الهوية لخارج مكونهما الأصيل تعد قوة تخريب يجب على أبناء الخليج التصدي لها ، وهذا ما يحدث بالضبط في البحرين العزيز حيث عملت طهران على مد خط مذهبي لشق جدار انتمائه الخليجي والعربي . مملكة البحرين ومثلها عُمان تعرضتا لهزات احتجاجية شعبية مطالبة في البداية بالخبز والعمل ، فاستقطعت شقيقاتهما الخليجيات من ميزانياتها 20 ملياراً من الدولارات وأيضا مساعدات مستمرة لتأمين احتياجات أشقائهم هناك ، ولم نسمع أن دولة أخرى غير الدول الخليجية سعت ولو إعلاميا في المساعدة ، وهنا كان حدود المشاركة الخليجية ، وترك أمر المطالب الأخرى غير المادية لكل دولة وشأن أبنائها.. في مسقط كانت المطالب عمانية ولأهداف عمانية ، وخلت من تدخلات خارجية ، أما البحرين فكانت المطالب انقلابية واضحة وليست إصلاحية كما تدعي طهران وشياطينها ؛ حيث رفعت رايات تحيي ولاية الفقيه وتنادي بإقامة الدولة الإسلامية المذهبية ، وعمدت بالدليل القاطع على استخدام العنف لنزع البحرين عن جسده الخليجي وإلحاقه بالدولة الفارسية ، فجاءت قوات الخليج لحماية أبناء الخليج من الدمار والاحتلال الذي تمده طهران بالمساندة والتأييد ، بحجة حق الشعوب في الحرية والتظاهر ، وكأن هذا الحق لا يكون حقا وفقا لقانون الحرس الثوري إلا خارج إيران ، فعندما قمعت المعترضين من مواطنيها على نتائج الانتخابات المزورة ومنعتهم من حق الاحتجاج كان ذلك مبررا وشرعيا لحماية السيد نجاد وواليه الفقيه ، ولو كلف ذلك إبادة الشباب الجميل والممتلئ بالطموح للحرية والكرامة في أرض بلاد فارس ، فشيء من الحذر سيد نجاد الذي تحذر منه أهل الخليج وتتوعدهم بمصير صدام الذي نرى أن أعمالك تقربك من نفس المصير . الشيء الذي يجب أن يحذر منه هو أعمال أصحاب الهوى الفارسي من الشعب الخليجي ، الذين توجهوا في إحدى الدول الخليجية الى السفارة السعودية والبحرينية معترضين على حماية القوات الخليجية لسيادة البحرين وشعبه ، وكان الأوْلى بهم أن يتوجهوا الى سفارة إيران منددين باحتلال إيران لأرض شقيقتهم الخليجية أم نسوا أمر الجزر الإماراتية ، أم أن وضعها يعد من وجهة نظر أصحاب الهوى الفارسي مقدمات لقيام الخليج الفارسي على أنقاض الخليج العربي ، وعلى هؤلاء أن يحددوا انتماءاتهم والى اي هوية ينتسبون العربية أم الفارسية ، وقبل هذا عليهم أن يعلموا أن الجنسية الخليجية محددة بالانتماء العربي ، وأي مواطن خليجي يعمل على إسقاط هذا الانتماء من حساباته يعد خائنا لوطنه وهويته القومية ، لقد ضاقت الدول الخليجية من العبث الإيراني في أمنها مرة يرسل جواسيس ومرة مخربين وإعلام ينادي صباح مساء بفارسية دول الخليج ، واليوم يريد الانقلاب على الحكم في البحرين ، ويطالب دول الخليج بإفساح الطريق له لتحقيق أوهامه المسمومة على أرضنا وتاريخنا ومستقبلنا وانتمائنا.. الى متى وأهل الخليج ترضى بهذه العلاقة الملغومة مع طهران والقابلة الى التفجير في أي لحظة ، إن تقدم الخليجيون خطوة انفجرت وأن تأخروا خطوة انفجرت ، لا يوجد زمن ولا مساحة في واقع السياسة الايرانية اليوم يمكن أن تقام عليها علاقة صحية قابلة للحياة السلمية والمتوازنة بمنافعها بعيدا عن الأضرار ، علاقة تؤمن بعروبة شيعة الخليج مثل ما تؤمن بفارسية الشيعة في إيران ، الى أن يأتي ذلك الزمان فدول الخليج مطالبة في بحث خيارات شعوبها العربية .