في زمننا الجاري ليس من الغريب أن يجمعك مجلس ما بملحد.. فالمجتمع الذي عرف الداعشيين من أصحاب النقطة الأخيرة من التطرف لن يسقط بيده إذا ما كان أمام ملحد أو مدعي إلحاد.. فكلاهما وجهان لعملة واحدة هدفها الرئيس وأد الحريات ومسخ الروحانيات، والأهم عدم احترام رأي الآخر ومعتقده. الأمر ليس خاصا بمواجهة أو مساجلة هدفها الانتصار لأن الايمان فطري وتم بناؤه كما الخلايا في الجسم، مع أن الانتصار فكريا على اصحاب العقول المتطرفة الحادا أو ارهابا سهل رغم أن بعض عقول منهم مغلقة بقفل تم اخفاء مفتاحه، ولن نتجنى حين نقول: إن الأمر لدى كثير من المتوهمين من المتصدرين للمجالس مجرد عبثية تنطلق من البحث عن التفرد والبروز.. حتى لو كان تفردا منحرفا. الايديولوجيات المتطرفة باتباعها والمنافحين عنها أصبحت موضة في العالم العربي، ولنعترف بأن بلادنا باتت تعاني ذلك فمن اشد درجات التطرف الفكري الديني الى أعتى اسقاطات الإلحاد وفيما بينهما الكثير. ولعلي لا أكون مدعيا إن قلت: إن كثيرا منها يستخدم الاختلاف عن الآخرين من أجل الادعاء والتشخيص أو للهروب من أزمات داخلية، أو لضحالة فكرية تجعل صاحبها منقادا لا يلوي على تساؤل أو بحث عما هو عليه. أعود لأقول: إن ما نؤمن به أكثر أن تلك ليست ثقافة مستوردة من القادمين من الخارج سواء أكانوا طلابا ينتمون لنا أم أساتذة أجانب، بل هي تنطلق من سهولة المعلومة والاتصال في زمننا الجاري من خلال ان الناس باتوا اعضاء دائمين في مواقع التواصل الاجتماعي ما منحهم سهولة الاطلاع على أي رأي أو فكر وحتى مكتبة الكونجرس وهم في منازلهم. الأمر لا يتعلق بالتأثر بقدر ما هو ردة فعل لما هو حادث من مصائب وفرقة وتقاتل في معظم الدول العربية.. فوفق نظرية: لكل فعل رد فعل مضاد له في الاتجاه والفعل فإن قمة التطرف تقع في داعش والالحاد من حيث إن كليهما لا يرى الا ما يراه هو.. ومثلما بيننا داعشيون يقتلون ويكفرون وينادون بما لا يقره الاسلام وكل الأديان السماوية.. فهناك ملحدون رافضون لأي روحانيات وعقائد.. واجزم بأن كليهما متطرف سوداوي.. هدفه القضاء على البشرية. ليس ما نطرحه خاصا بفلسفة معينة أو قراءة لواقع فكري، بل هي معايشة مستمرة لبعض اسقاطات في بلادنا وبلاد العرب عرفناها كثيرا، وأصبح كل شخص يتحدث عنها وان كان كثير من أربابها سابقا يتستر عليها خشية ووجلا لصعوبة المجتمع ورفضه وعدم تقبله، لكنها الآن تطل برأسها بلا وجل، وان تركناها ستتنامى وتتمدد افكارها حتى تجيز وأد العقل وقتل النفس التي حرم الله. منتهى القول: إن الإنسان مكون من جينات متعلقة بالإله وقدرته على الفصل في كل شيء، لكن ما بال جينات كثير منا تغيرت أو غُيرت قسرا.. فبعد أن عتى الالحاد السوفيتي بكل من يؤمن بإله حتى سقط كيانه الملحد غير مأسوف عليه حضرت القاعدة ومن ثم داعش الأشد تطرفا، والنقطة الأخرى في طرف المستقيم مع الإلحاد.. ليكملا مع الإلحاد دورة التطرف القاتل التي تبنتها أفكار المتسلطين والإرهابيين في كل القرون وعبر التاريخ وكل الديانات السماوية والوثنية.