أسقطت البحرين، أمس، الجنسية البحرينية عن المرجع الشيعي وممثل الولي الفقيه في البحرين عيسى قاسم، في خطوة تعتبر الأكبر من بين الخطوات التي اتخذتها؛ لمكافحة الإرهاب في المملكة. وأصدر مجلس الوزراء قرارا بالموافقة على إسقاط الجنسية البحرينية عن المدعو عيسى أحمد قاسم؛ لكونه اكتسب الجنسية البحرينية ولم يحفظ حقوقها وتسبب في الإضرار بالمصالح العليا للبلاد ولم يراع واجب الولاء لها، وبناء على أحكام قانون الجنسية البحرينية والذي يقرر إسقاط الجنسية البحرينية تبعا للمادة العاشرة فقرة (ج) منه والتي تنص على: «إذا تسبب في الإضرار بمصالح المملكة أو تصرف تصرفا يناقض واجب الولاء لها». وسرعان ما أصدر صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء تعليقه على قرار سحب جنسية عيسى قاسم قائلا: «لا مكان لمن يحرض على الخروج على حكم القانون». وأشارت مصادر ل «اليوم» إلى أن عيسى قاسم يواجه حاليا تهما بتمويل المنظمات الإرهابية، وتحويل أموال طائلة تفوق قيمتها مئات الملايين من الدنانير إلى إيران والعراق، وتمويل تدريب الجماعات الإرهابية هناك. وبينت المصادر قرب عرضه على المحاكمة، وذلك بعد أن تم التحفظ على 10 ملايين دولار كانت في حسابه ببنك «ملي إيران» والذي كان يعمل قبل إغلاقه مؤخرا في البحرين تحت مسمى «بنك المستقبل». وأكدت المصادر أنه استغل أموال الخمس التي تقدر بمئات الملايين في غير محلها، وأنه موّل بها أنشطة معادية للبحرين. الشارع يرحب وتلقى الشارع البحريني خبر إسقاط الجنسية عن عيسى قاسم بانقسام بين أغلبية مؤيدة وأقلية معارضة، إذ سرعان ما تم تدشين وسم #إسقاطجنسيةعيسى_قاسم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليغردوا بأكثر من 50 ألف تغريدة خلال نصف الساعة الأولى منذ إعلان القرار. وأكد نواب بحرينيون وأعضاء مجلس شورى ومسؤولون، على أهمية ذلك القرار؛ كون عيسى قاسم صاحب الفتوى الشهيرة «اسحقوهم» ضد رجال الأمن، أضر بالأمن الوطني كثيرا بخطاباته السياسية واستغلاله للمنبر الديني بالتحريض على الدولة والتأليب ضد نظام الحكم، كما كانت له جهات تواصل مع إيران باعتباره ممثل الولي الفقيه. وأكد البحرينيون على أن تلك الخطوة أعادت للدولة هيبتها، بعد أن رأى عيسى قاسم وغيره من المراجع الشيعية أنهم «أعلى من سلطة الدولة»، مشيرين إلى أن مثل تلك الخطوات يجب أن يتم اتباعها بإسقاط الجنسية عن كل من يحرض ضد الدولة ويحاول شق الصف واللحمة الوطنية. ضغوط المنظمات من جانبه، حذر المحلل السياسي والخبير القانوني بدر الحمادي من الضغوطات التي ستمارسها وزارتا الخارجية الأمريكية والبريطانية، فضلا عن بعض الدول الأوروبية ولبنان والعراق على البحرين من خلال البيانات التي سيتم اصدارها تعليقا على خبر إسقاط الجنسية. وأكد أن تلك المنظمات عملت على تشويه صورة البحرين، وتواصل عيسى قاسم معها طوال الفترة الماضية، وهي تقف إلى جانبه كونها تأخذ موقفا أحادي الجانب وليس حياديا. وتابع: خلال الساعة الأولى لإعلان الخبر، أصدرت بعض المنظمات بيانات مقتضبة لتواكب الحدث، كما تابعت القنوات العالمية ذلك الموضوع، ولكن الموضوع شأن داخلي ولا يحق لأي كان التدخل. وشدد الحمادي على أن البحرين مستمرة بتلك الخطوات بحسب مصادره المطلعة، ولن تتوانى عن تطبيق القانون بعد التأخير لفترة طويلة. من هو عيسى قاسم؟ ويعتبر عيسى قاسم ممثل التيار الولائي «ولاية الفقيه» للمذهب الشيعي في البحرين، وقد تم تجنيسه في ستينيات القرن الماضي، وانضم لحزب الدعوة العراقي أثناء فترة دراسته في النجف، ثم عاد إلى البحرين ليؤسس كوادر خرج منها مجموعة «أحرار البحرين» غير المرخصة، وظلت علاقاته وثيقة بحزب الدعوة العراقي. وفي عام 1973 دخل قاسم المجلس التشريعي، حيث أصبح عضوا بمجلس النواب وعمل على إصدار ترخيص جمعية التوعية الإسلامية الذي تمت الموافقة عليه وأصبح أول رئيس لها، لكن الجمعية أغلقت في عام 1984، بعد أن تم اكتشاف أنها فرع حزب الدعوة العراقي في البحرين، ونقطة انطلاقه، وفي نفس العام تمت محاكمة مجلس إدارتها وصدرت ضدهم أحكام بالسجن تراوحت بين 5 و7 سنوات. ولم يكن عيسى قاسم من ضمن المتهمين في القضية، حيث غادر البحرين إلى إيران؛ خوفا من القبض عليه، وظل في إيران فترة التسعينيات، حيث نشط هناك وأصدر العديد من البيانات ضد البحرين، وذلك بمساعدة أعضاء حزب الدعوة البحريني. وكيل الخامنئي ورغم أنشطته المعادية للدولة إلا أنه صدر عفو عنه من جلالة الملك في عام 2001 وعاد إلى البحرين، وأعيدت جمعية التوعية الإسلامية وتم الترخيص لها وبناء مقر حديث في الدراز معقل قاسم، الذي ظل يمثل مرجعية جمعية الوفاق الإسلامية المنحلة، فيما ظل قاسم رئيسا للمجلس العلمائي غير المرخص والذي تم حله بحكم قضائي، مؤخرا، حتى اعتزل هو ومجموعة من رجال الدين وكلف كوادر الصف الثاني لتولي الإدارة. ويتبع عيسى قاسم الخط الأصولي في المذهب الشيعي، والذي يتبنى ولاية الفقيه ويعتبر وكيل الخامنئي في البحرين، حيث يتولى جمع زكاة الخمس لأتباع ولي الفقيه بجانب استلامه لأخماس عدد من المرجعيات تم توكيله عنهم، وزاره موفق الربيعي الذي أشرف على إعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وصلى خلفه في مسجد الإمام الصادق بالدراز. وعمل قاسم على تهييج الشارع البحريني من خلال فتاوى عدة من بينها «اسحقوهم» ضد رجال الأمن، فضلا عن التأليب على الدولة، فيما لم يصدر من عيسى قاسم أي تصريحات تعمل على تهدئة الأوضاع خلال أحداث عام 2011.