كنا أطفالاً في المرحلة الابتدائية حين كنا نتحلّق حول جدي بعد سفرة الإفطار في رمضان لنشاهد سوياً برنامج الكاميرا الخفية للفنان الراحل والرائد في هذا المجال فؤاد المهندس ومن بعده إسماعيل يسري في مرحلة مبكرة ليحققا ترقباً جماهيرياً ونجاحاً كبيراً في ذلك الوقت لنوعية برامج مرحة وترفيهية عرفها الغرب منذ أعوام طويلة وقدمها هذان الفنانان للساحة المصرية والعربية. أما كل ما يحدث الآن من برامج تتنافس في ثقالة الدم والترهيب والتخويف والرعب والميزانيات الضخمة، فليست إلا استفزازاً وضغطاً نفسياً ومجازفة بأرواح الناس باسم الكاميرا الخفية. وسواء كانت تلك المواقف مفبركة أم حقيقية إلا أن مدبري المقالب فقدوا نجوميتهم وثقة جماهيرهم أمام برنامج الصدمة الذي أتفق مع ما قاله الأستاذ محمد الرويشد في جريدة الحياة بأنه «أعاد الثقة في برامج الكاميرا الخفية، بعد أن عكست برامج المقالب المرافقة لرمضان في كل عام الجانب المفبرك في معظم الحلقات، التي كان أبطالها مشاهير يتكررون في أكثر من برنامج وفي كل عام، بيد أن برنامج الصدمة كان أبطاله أناسا حقيقيين، واعتمد على ردود أفعالهم في مواقف إنسانية خالطتها الدموع في معظم المشاهد». وعلى الرغم من عتبي على الصدمة في مقالي السابق بشأن حلقة ذوي الإعاقة ومطالبتي بإعادة بثها بعد تعديل المعلومات المغلوطة والمصطلح العنصري «منغولي» الذي ورد في تقرير الحلقة، إلا أنه يظل متربعاً على قلب باقي البرامج الترفيهية. لم يكن صدفة مشاهدتي لإحدى حلقات «أبو المقالب» التي يقدمها الفنان محمد الصيرفي، بل تعنيت للبحث عنها خاصة بعد أن علمت بأن الفنان أخذ قرضاً لإنتاجه ولم يكن من انتاج أي قناة فضائية. إلا أنني تفاجأت بمجموعة من اللقطات اعتمدت على فكرة ترك الضيف كفريسة لأسد جائع، حيث وقعت ضحيتها نخبة من النجوم الخليجيات، نتيجة تعرضهن إلى مواقف صعبة أصابتهن بالرعب والفزع، مما اضطر بعضهن للبكاء والصراخ، والركض، واضطر بعضهن للزحف على الأرض هرباً من حيوان مفترس. لا أعلم ما الحكمة من ترهيب الناس وتعذيب هذه الحيوانات التي يقومون ببرد أنيابها وخلع أظافرها لتقديم مثل هذه البرامج التي من المفترض أن تستفز حقوق الحيوان قبل الانسان. كل ما أعلمه أن هذه البرامج المرعبة التي لو كانت تعرض في الوقت الذي كنا فيه أطفالا حول جدي، لرفض بكل تأكيد أن نشاهدها، ولأغلق علينا شاشة التلفاز غير مكترث بفضولنا، بينما يتسابق آباء وأمهات هذا العصر على مشاهدة ما يتم عرضه من أذى نفسي وسط قهقهات الصغار على ملامح الآخرين الذين يتعرضون لهذا العنف بحجة الكاميرا الغبية.