أتت التصريحات الإيرانية الأخيرة بالإشارة إلى مملكة البحرين كمحافظة إيرانية، وكذلك دعوة الشعب الإيراني للتظاهر ضد مشروع مفترض عن اتحاد بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، تتويجا لسياسة عدائية انتهجتها إيران تجاه العرب منذ سيطرة الخميني على السلطة، وعملت ضمنها على مد نفوذها في الشرق الأوسط، تحت ذرائع مختلفة. إلا أن خطورة الطرح الإيراني الأخير، وإعلان طهران صراحة أنها ترفض اتحادا مفترضا بين دولتين عربيتين، يشير إلى أن العنجهية الإيرانية دخلت في مرحلة جديدة، حيث إنها وبعد أن عمدت طويلا إلى التدخل تحت ذرائع مختلفة من طائفية ومذهبية وأمنية، وفي السر غالبا، فإنها الآن لم تعد تبحث عن ذرائع، أو تحاول تغطية تدخلاتها بل أصبحت تتصرف بشكل سافر يمكن وصفه بالوقاحة السياسية. ولعل من اللافت أن الرفض الإيراني لمشروع وحدة بين دولتين عربيتين خليجيتين جارتين يأتي بعد إعلانها قبل ذلك أن “اتحادها” مع العراق “أمر طبيعي” ليكون النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي الذي دعا لاتحاد تام بين إيران والعراق، هو نفسه الذي يتحدث معارضا اتحادا مفترضا، بين مملكتين عربيتين. ويمكن النظر إلى هذا التصعيد الإيراني الجديد من زاوية أن طهران بدأت سياسة استعراض للقوة، وتوتير للمنطقة، مع ازدياد الضغط الدولي عليها بشأن ملفها النووي، وتأثير العقوبات الاقتصادية على المجتمع الإيراني الذي أصبح يعاني في ظل هذه السلطة الحاكمة التي تسير به نحو المجهول، و تختار التصعيد لتصدير أزماتها الداخلية، التي يظهر على رأسها الصراع داخل النخبة الحاكمة في إيران بين ثلاثة اتجاهات أولها الإصلاحية (التي تم إقصاؤها في السجون أو تحت الإقامة الجبرية)، والمرشد خامنئي وأنصاره من جهة ثانية، والرئيس نجاد ومؤيدوه من جهة أخرى. إن المتتبع لمحاولات طهران مد نفوذها في المنطقة يلحظ ببساطة أنها تعمد إلى مناطق الصراع، وتسعى للتغلغل هناك حتى تكون لنفسها نواة من المؤيدين والأتباع ثم تحاول عن طريقهم تسخير المنطقة لخدمة مصالحها الخاصة، وما تفعله الآن في البحرين لا يخرج عن هذا الإطار، حيث تسعى لإثارة التوتر في الخليج حتى تستطيع التغلغل داخل مجتمعاته، ومن ثم تسخيره لخدمة مصالحها الخاصة، وهو ما يبرز أولا خطورة التدخل الإيراني في المنطقة، وثانيا أهمية الوقوف صفا في وجه هذه التجاوزات التي تمثل انتهاكا سافرا لكل القيم والأعراف الدولية.