يقول المثل الصيني إنه عندما تهب رياح التغيير بعض الناس تبني جدرانًا وغيرهم يبنون طواحين هواء. نظرًا للتحديات البيئية الهائلة التي يواجهها العالم، ليس من الكافي فقط بناء طواحين الهواء. فنحن بحاجة إلى تطوير سلسلة من التكنولوجيات البيئية المبتكرة، ونحتاج لكسر الحواجز أمام تداولها في جميع أنحاء العالم. مقدار التجارة العالمية في توربينات الرياح وفلاتر المياه وغيرها من السلع البيئية الأخرى هو بحدود تريليون دولار سنويًا، وهو آخذ في الازدياد بسرعة. لكن التعريفات الجمركية العالية عبر سوق التكنولوجيا النظيفة في العالم يحد من إمكانية وصول كثير من البلدان إلى تلك التكنولوجيات. وإزالة الضرائب غير الضرورية لن تعمل فقط على جعل حلول التكنولوجيا الخضراء متاحة بشكل أكبر، بل إن المنفعة ستكون ثلاثية: تعزيز التجارة وحفز الابتكار وحماية البيئة. البشرى السارة هي أن كل هذا في متناول أيدينا، حيث إن 44 دولة في إطار منظمة التجارة العالمية تعمل نحو التوصّل إلى اتفاقية السلع البيئية التي من شأنها أن تزيل التعريفات المفروضة على السلع الصديقة للبيئة، مثل تكنولوجيات الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وأنظمة تنقية المياه، ومعدات مكافحة تلوث الهواء. ويُعد هذا الجهد من بين أولى القضايا التي سوف تناقشها الولاياتالمتحدةوالصين الأسبوع القادم خلال فعالية الحوار الاقتصادي والاستراتيجي السنوي الذي يعقد في بكين. يتوقف إحراز المزيد من التقدم في مفاوضات اتفاقية السلع البيئية على المشاركة الصينية البناءة. حيث ان مثل هذه المشاركة يمكن أن تتماشى مع مكانة الصين العالمية، ومصالحها الذاتية وقدرتها على تحقيق حلول بيئية فعالة من حيث التكلفة. حان الوقت لطرح عروض جادة وإظهار القيادة البيئية. باعتبارهما أكبر البلدان المنتجة والمستهلكة للتكنولوجيات النظيفة في العالم، تشترك الصينوالولاياتالمتحدة في مسؤوليتهما للاستفادة من هذه الفرصة. العام الماضي، صدرت الولاياتالمتحدة ما قيمته 130 مليار دولار من السلع الخضراء، داعمة بذلك ما يقدر ب676 ألف فرصة عمل في الولاياتالمتحدة. وفقا لدراسة جديدة أجراها القطاع الخاص، يمكن أن تعمل اتفاقية السلع البيئية على تعزيز الصادرات العالمية من التكنولوجيات البيئية لتصل إلى 119 مليار دولار سنويا. وتتوقع دراسة أخرى منفصلة أجراها الاتحاد الأوروبي احتمال حدوث انخفاض يقارب 10 ملايين طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030 نتيجة لاتفاقية السلع البيئية الطموحة التي تلغي تعريفات الرسوم الجمركية المفروضة على تكنولوجيات الطاقة النظيفة. تعمل التحديات البيئية واسعة النطاق التي تواجهها البلدان حول العالم على جعل تجارة وتنمية التكنولوجيا النظيفة فرصة سوقية رئيسية أمام الشركات التجارية المبتكرة في كل مكان. في الولاياتالمتحدة، ستحتاج البنية الأساسية القديمة الخاصة بمياه الشرب ومياه الصرف الصحي في جميع أنحاء البلاد إلى أكثر من 635 مليار دولار في عمليات الإصلاح والاستبدال والتجديدات خلال السنوات العشرين القادمة. في الصين، حيث 9 من أصل 10 مدن رئيسية لا تستوفي المعايير الوطنية الخاصة بالهواء النقي، ستكون هنالك حاجة لاستثمارات رئيسية من أجل معالجة تلوث الهواء في المدن والذي يقدَّر بأنه أسهم بما مجموعه 1.2 مليون حالة وفاة مبكرة في العام 2010. كما أن التحديات التي تواجه المياه في الصين ملِحَّة بنفس القدر، وتظهر البيانات الجديدة أن 80 بالمائة من مياه الصين الجوفية غير صالحة للاستخدام البشري. مواجهة تلك التحديات البيئية تتطلب استخدام التكنولوجيا البيئية المتقدمة، كما أن وجود اتفاقية سلع بيئية طموحة وذات مصداقية من شأنه أن يساعد في تمهيد الطريق لتلك الابتكارات. يفوز العالم عندما تعمل اتفاقيات التجارة عالية المستوى على خلق فرص عمل وحماية كوكبنا. لكن يبقى أن نرى فيما إذا كانت الصين مستعدة لتبني تلك المعايير العالية. باعتبارها رئيسة لدول مجموعة العشرين هذا العام، لدى الصين فرصة تاريخية لإظهار القيادة في التوصل إلى اتفاقية سلع بيئية عالية المستوى. ينبغي أن تكون الأسبقية للحماية البيئية على الحماية التجارية. ويجب على الصين الانضمام لأعضاء اتفاقية السلع البيئية الآخرين في طرح عروض جادة على طاولة المفاوضات، وتحديد أولوياتها والاستجابة للآخرين والمساعدة في إيجاد حلول للقضايا الشائكة. مع مشاركة الصين الكاملة، يمكننا خفض تكاليف بناء طواحين الهواء المذكورة.