واشنطن - «نشرة واشنطن» - أصبحت قدرة الولاياتالمتحدة بفضل اتفاق التجارة الحرة مع كوريا الجنوبية على خلق وظائف أكثر من أي وقت مضى، تعتمد على حجم السلع والخدمات المصدَّرة الى العالم. فمنذ العام 1960 ارتفعت حصة الصادرات من الناتج المحلي الأميركي أكثر من الضعف، ويُشكِّل ذلك القياس للناتج الاقتصادي الإجمالي لأميركا. فبحلول عام 2008، كانت الصادرات توفر أكثر من 10 ملايين فرصة عمل عالية الأجور للأميركيين، لأن الذين يعتمدون منهم على التجارة يكسبون نسبة 13 في المئة إلى 18 في المئة فوق المتوسط القومي. فالصادرات الجديدة تساعد في دعم وظائف جديدة، لذا يسعى الرئيس باراك أوباما الى الحصول على المصادقة على اتفاق التجارة بين الولاياتالمتحدة وكوريا. وإذ تقدر اللجنة الأميركية للتجارة الدولية (ITC) أن خفض التعرفة الجمركية وحدها بموجب الاتفاق سيزيد صادرات السلع الأميركية ما بين 10 بلايين دولار و11 بليوناً، وأن تقدم هذا الاتفاق سيؤمن عشرات الآلاف من الوظائف التي تدعمها هذه الصادرات، إضافة الى الوظائف الإضافية للأميركيين الناتجة عن تقليص الحواجز غير الجمركية التي كانت تمنع الصادرات الأميركية من الدخول إلى كوريا، ومن خلال فرض الحماية التطبيق الأكثر تشدداً لحقوق الملكية الفكرية في كوريا. يحتسب تحليل أجرته اللجنة الأميركية للتجارة الدولية (ITC) الفوائد الاقتصادية لهذا الاتفاق فقط، استناداً إلى مدى ارتفاع قيمة الصادرات الأميركية نتيجة إلغاء التعريفة الجمركية التي تفرضها كوريا عند وصول السلع الأميركية المصدرة إلى موانئها، أو تعديلها. لكن من جهة أخرى سيوجد الاتفاق أيضاً فرصاً جديدة حتى لمزيد من الصادرات عندما تفتح سوق الخدمات الكورية البالغة 560 بليون دولار، أمام عدد أكبر من الشركات الأميركية. فكوريا تملك اقتصاداً يقرب من تريليون دولار، وهي ثامن أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، وبلغت نسبة نموها 5.8 في المئة خلال الربع الثاني من العام الجاري، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو هذا الاقتصاد بنسبة 6.1 في المئة هذا العام، أي أعلى بكثير من معدل النمو في الولاياتالمتحدة البالغ 1.7 في المئة، و2.6 في المئة للفترتين على التوالي. وتقدر اللجنة الأميركية للتجارة الدولية أن الميزان التجاري مع كوريا سيتحسن بين 3.3 و4 بليون دولار بموجب الاتفاق. ربح أكبر توصلت الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية إلى اتفاق يقود إلى تأمين مزيد من فرص التصدير في سوق كورية تكون أكثر انفتاحاً وإنصافاً بالنسبة لشركات السيارات الأميركية وعمال صناعة السيارات. ويُحسّن الاتفاق وصول شركات السيارات الأميركية إلى السوق عن طريق معالجة الطريقة التي كان يخدم فيها النظام الكوري معايير سلامة السيارات كحاجز في وجه الصادرات الأميركية. وعلى المنوال ذاته، يعالج الاتفاق المعايير البيئية الكورية المقترحة التي قد تصبح حاجزاً أمام الصادرات الأميركية، وبذلك توجد توازناً يحترم رغبتنا المشتركة في خفض الأثر البيئي للسيارات، لكن يرفع عبئاً حقيقياً عن كاهل شركات السيارات الأميركية الذي كان يسمح بتوريد كميات أصغر منها إلى كوريا. وتحقَّق تقدم في مجالات إضافية في السياسة الخاصة بالسيارات، منها الشفافية التنظيمية وتسريع خفض التعريفات الجمركية على السيارات الكهربائية، ما سيشجع تطوير تكنولوجيات «السيارات الخضراء». ووضع نظام حماية خاصة للسيارات، يسوّي ميدان المنافسة أمام العمال الأميركيين، ويضمن عدم معاناة الصناعة الأميركية من الاندفاعات السريعة المؤذية في الواردات الكورية من السيارات بسبب هذا الاتفاق. وستوفر التصحيحات الإضافية للتعريفات العامة المتعلقة بالسيارات والشاحنات لشركات السيارات الأميركية والعمال الأميركيين، فرصة لزيادة المبيعات في كوريا قبل خفض التعرفات الأميركية على السيارات الكورية. وسيحسّن المزارعون والصناعيون الأميركيون وضعهم التنافسي بفضل خفض التعرفة الجمركية التي نص عليها الاتفاق، ففي الوقت الحاضر يبلغ متوسط التعرفة الجمركية الكورية على السلع الزراعية المستوردة إلى 54 في المئة مقارنة بمتوسط يبلغ 9 في المئة تفرضه الولاياتالمتحدة على الأنواع المستوردة ذاتها. ويتجاوز متوسط التعرفة الكورية المفروضة على سلع غير زراعية ضعف التعرفة الجمركية الأميركية المفروضة عليها (6.6 في المئة مقارنة ب3.2 في المئة). وتعتمد الشركات الأميركية المصنعة للمعدات الطبية وتكنولوجيا المعلومات والسلع البيئية والآلات، على السوق الكورية لبيع صادراتها وايجاد فرص عمل مرتبطة بالتصدير. وتُشكِّل السلع المصنعة نسبة 80 في المئة من صادرات السلع الأميركية إلى كوريا. واستناداً إلى الجمعية القومية للمصنعين، دعمت الصادرات الصناعية إلى كوريا 230 ألف وظيفة في أميركا عام 2008. وتشير الجمعية القومية للمصنعين الى ان الاتفاق سيزيد أكثر من الثلث، الصادرات الأميركية من الآلات والمعدات، وهي أحد اكثر الصادرات إلى كوريا. واستناداً إلى اتحاد مكاتب المزارع الأميركية، ستزداد صادرات المزارعين ومربي المواشي إلى كوريا لتبلغ نحو 1.8 بليون دولار كل سنة، بفضل الزيادات المتوقعة في مبيعات محاصيل الحبوب الرئيسية، والزيوت النباتية والألياف، والفواكه والخضار، ومنتجات المواشي، فإلغاء نسبة التعرفة الحالية البالغة 40 في المئة التي تفرضها كوريا، ستعزز بنسبة أكبر صادرات لحوم الأبقار، ما سيوفر مبلغا يقدر ب 1300 دولار للطن الواحد من لحوم الأبقار المصدرة إلى كوريا، وهو توفير قد يصل مجموعه إلى 90 مليون دولار سنوياً للمنتجين الأميركيين وفق المستويات الحالية للمبيعات. وصدرت أميركا عام 2009 خدمات إلى كوريا تزيد قيمتها على 7.1 بليون دولار عما استوردته منها. ويمنح الاتفاق التجاري الشركات الأميركية قدرة إضافية لدخول سوق كوريا البالغة قيمتها 560 بليون دولار من هذه الخدمات الرئيسية وغيرها، ما يعطي الشركات الأميركية للخدمات فرصة للبناء على سجل قوي من التصدير في الوقت الحاضر، ولإيجاد وظائف في الخدمات برواتب جيدة. كانت أميركا أكبر شريك تجاري لكوريا، لكن منذ العام 2003 تراجعت إلى المرتبة الرابعة خلف الصين واليابان والاتحاد الأوروبي، ففي خلال ما يزيد عن عقد واحد هبطت حصتها في سوق الاستيراد الكوري للسلع الذي كان يبلغ 21 في المئة إلى 9 في المئة فقط، وهي حصة أصغر من حصة الاتحاد الأوروبي، الذي يستعد لكسب معظم السوق الكورية من خلال تطبيق اتفاقه الخاص للتجارة الحرة في الصيف المقبل. وخلال الفترة ذاتها، ازدادت حصة الصين في السوق من 7 في المئة إلى 18 في المئة. ويساعد الاتفاق الشركات والعمال الاميركيين على استعادة مركزهم القوي في السوق الكورية، من خلال التأكد من أن كميات أكبر من السلع والخدمات المباعة هناك هي من صنع أميركي. هذه الفوائد ستتعرض للخطر في حال لم تفعل أميركا شيئاً بينما تتحرك كوريا قُدماً لتوقيع اتفاقات مع الاتحاد الأوروبي وأستراليا ودول أخرى.