مراحل التخطيط في تطبيق أي عمل مستقبلي من الأهمية ما يجعلها مفصلية في نجاح أي عمل، التخطيط هو الأساس، وعليه يعتمد التنفيذ، وبه تحدد المهام والمسؤوليات، وعليه يبنى الواقع المستقبلي الذي تسعى الخطة لتحقيقه. خطة التحول الوطني أتت من الوضوح والحبكة ما يجعل تطبيقها ومراجعتها متى لزم ومراقبة تقدمها ومحاسبة القائمين على تنفيذها متى بدر منهم تقصير أمرا مقدورا عليه بل وسهلا جدا، وهذا يشير في حد ذاته الى ان المطبات الهوائية ستكون في حدودها ومستوياتها الدنيا. تم تحديد مؤشر قياس لكل هدف استراتيجي، وخط أساس يتم الانطلاق منه، كما تم تحديد الهدف المراد الوصول إليه. شخصيا أعتقد أن أهداف وزارة المالية في خطة التحول ذات أهمية كبرى وتحقيقها سيرتقي بنا الى مصاف أكفأ الدول ماليا، ابتداء بتعزيز حوكمة المالية العامة، والتي ذكرت تفاصيل الخطة انها الآن 0% (وهذه واقعية ومكاشفة رائعة بكل ما تعنيه الكلمة) ومرورا بتنمية الصادرات غير النفطية بنسبة 224%، وانتهاء بالحفاظ على أملاك الدولة المنقولة وغير المنقولة. ورفع كفاءة الإنفاق على الرواتب والأجور من الأهداف الاستراتيجية التي تسعى الخطة لتحقيقها وهذا مؤشر ودلالة غير مباشرة على تعزيز مستوى الخصخصة المستقبلي وعدم التوسع في التوظيف الحكومي، حيث حددت الخطة خط أساس 480 وتسعى لخفضه الى 450 عام 2020م. تحقيق الاستدامة في الدين العام أيضا جاء وفق ما ينبغي ان يكون، حيث حددت الخطة هذا الأمر كإحدى أهم استراتيجياتها، وتم تحديد رفع التصنيف المالي لبلادنا كهدف أساسي. كما أن رفع مستوى الدين العام الى الناتج المحلي من 7.7% الى 30% يعطي تأكيدا على استغلال قنوات التمويل المتاحة للدولة في الصرف على مشاريع البنية التحتية وما ننوي تحقيقه. رفع مستوى الدين العام الى 30% يحقق أيضا قناة استثمارية لسحب السيولة التي تتوافر بفائض عند المصارف وشركات التأمين في بعض مراحل الدورات الاقتصادية المختلفة، وهذه القنوات ستساهم مساهمة فعالة في خفض الفقاعات المالية التي تظهر من وقت الى آخر الى مستوياتها الدنيا، بالإضافة الى مساهمتها في رفع الضغط عن المصاريف الحكومية في أوقات انخفاض اسعار النفط. رفع كفاءة الإنفاق على البرامج والمشاريع الحكومية أخذ حيزا رائعا من الخطة، وتم التأكيد على نسبة المشاريع المعتمدة وفقا للمعايير والمدة، وعلى نسبة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من الموردين، وعلى نسبة فرق الإنفاق التشغيلي للمشاريع (الانحراف في إنفاق الموازنة التشغيلية)، وعلى نسبة فرق الإنفاق الرأسمالي للمشاريع (الانحراف في إنفاق الموازنة الرأسمالي) وهذه كلها ذات أهمية بالغة في تعزيز جودة المشاريع وكفاءة الإنفاق الذي عانى اقتصادنا من الهدر فيه لسنين طويلة. ان وضوح تحديد الأهداف الاستراتيجية، ومؤشرات الأداء، وتحديد نقاط الانطلاق، تأتي كعوامل مطمئنة بان خطة التحول الوطني تم اعدادها بعمق واستفاضة واحكام، وهذا كله يبشر بتنفيذ سلس لا يتخلله عوائق ذات حجم كبير. كما ان تحديد المسؤوليات يبشر بقدرة على إصلاح الخلل متى وقع، والخطأ متوقع بطبيعة الحال وهذه طبيعة البشر. بلادنا ماضية الى المستقبل بخطى لا يعتريها الشك، الكل يعرف مكانة بلادنا التاريخية، وخطة التحول الوطني جاءت لتؤكد مكانتنا المستقبلية. بلادنا ماضية لصناعة المستقبل بنجاح.