على الرغم من التراجع الحاد في أسعار النفط، واضطراب الأسواق وعدم وضوح الرؤية المستقبلية لأداء الاقتصاديات العالمية، قررت الحكومة المضي قدما في إنفاقها التوسعي، واعتمدت موازنتها لعام 2015م، على أساس إنفاق عام قدر بنحو 860 مليار ريال، مع عجز متوقع في حدود 145 مليار ريال. و«لا أرى قلقا من وجود العجز في الموازنة؛ طالما أن لدينا احتياطيات مالية ضخمة يمكن الرجوع إليها وقت الحاجة؛ كما أن هناك سيولة ضخمة متوفرة في السوق يمكن استغلالها لسد العجز من خلال السندات الحكومية؛ مشيرا إلى أن قلقه ربما ارتبط بآليات الإنفاق والهدر وضعف المخرجات، إضافة إلى تجاوز حجم الإنفاق الحكومي المتفق عليه؛ كما حدث في العام 2014 حين تحول الفائض الحقيقي إلى عجز بسبب ارتفاع حجم الإنفاق عما كان مقررا له مطلع العام. وحول تلك المشاريع التنموية الضخمة التي تعمل الدولة عليها منذ سنوات، بين البوعينين أن عدم المساس بمشاريع التنمية أمر جيد ولا شك، إلا أن تحقيق كفاءة الإنفاق أكثر أهمية، فمع انخفاض الدخل يستوجب على الحكومة التركيز بشكل أكبر على وقف الهدر المالي وتحقيق الجودة والكفاءة في مشاريعها وإنفاقها العام. التركيز على كفاءة الميزانية أمر ملح أن أرقام الميزانية الضخمة قد لا تعني شيئا، إذا لم يحسن التعامل معها في جانبي الإنفاق التنموي والاستثماري، لذا يجب أن يكون التركيز الأكبر على كفاءة الميزانية، لا حجمها وأرقامها القياسية. وأن إنجاز المشاريع في وقتها المحدد، وقيمها العادلة، وبالجودة العالية يسهم في ترشيد الإنفاق ويحقيق كفاءته، ويضمن بقاءها لعقود مقبلة. وأرى ضرورة ربط موازنة الدولة بتقديم الوزراء لخطط عمل سنوية، لضمان كفاءة الأداء وتحقيق الإنتاجية، ووضع مؤشر لقياس الأداء وتطور عمل الوزارات ومشاريعها، فالتحدي الأكبر اليوم ليس في توفير الدخل، بل في تحويل هذه الأرقام المهولة إلى مشاريع محسوسة ذات جودة وكفاءة على أرض الواقع. وحول مجال القطاعات الإنتاجية، أوضح البوعينين أنه لا بد من تحقيق الاستفادة من الكم الهائل للإنفاق في دعم القطاعات الاقتصادية وتقويتها، وبناء قطاعات منتجة تتحول مستقبلا إلى قطاعات داعمة وممولة للميزانية لا مستفيدة منها. وأشار إلى أن أولوية التوجه للاستثمار التوسعي في قطاعات الإنتاج سيسهم في خفض التزام الحكومة تجاه خلق الوظائف الحكومية للقضاء على شبح البطالة، وهذا يعني خفض بند الرواتب الذي يستقطع ما يقرب من 50 في المائة من حجم الموازنة السنوية. الاحتياط ومعالجة البطالة والتضخم وأطالب بضرورة استغلال الاحتياطيات المالية لإنشاء مزيد من الشركات الإنتاجية، ودعم الخصخصة، ووضع الحلول الناجعة لأهم ثلاث مشكلات يواجهها الاقتصاد والمجتمع السعودي وهي: التضخم، البطالة، المسكن، وهذا يعيدنا مرة أخرى إلى الاستثمار في قطاعات الإنتاج القادرة على توفير واستحداث الوظائف، واستيعاب نسب التضخم مستقبلا والضغط عليها. مستشار اقتصادي