كشفت التحقيقات الأولية، التي أجرتها المؤسسات الأمنية الأردنية، أن منفذ «هجوم المخابرات» الاثنين هو «ذئب منفرد»، فيما تتواصل الجهود للتوصل إلى «منفذين» آخرين مفترضين، لا يزال وجودهم ليس مؤكداً. وقال مصدر أمني أردني رفيع، قريب من التحقيقات، إن «الجهاز الأمني ألقى القبض على منفذ هجوم مقر المخابرات في عين الباشا، فيما لا تزال التحقيقات متواصلة للتأكد من حقيقة وجود منفذين آخرين من عدمه». وبين المصدر أن «القاء القبض على منفذ العملية تم بالتعاون مع مواطنين عاديين، رصدوا شخصا مشبوهاً وغريباً، خلال استعدادهم لصلاة العشاء، وتبين أنه منفذ الهجوم على المخابرات». وكان إرهابي مجهول قد نفذ هجوماً، فجر يوم الاثنين أول أيام شهر رمضان المبارك، على مقر فرعي لجهاز المخابرات الأردنية، في لواء عين الباشا شمال العاصمة عمان، أدى إلى استشهاد 5 من مرتبات الأمن الأردني. وحول تفاصيل إلقاء القبض على منفذ الهجوم، قال شهود عيان من قرية السليحي (شمال غرب عين الباشا) إن «شخصاً كان متوارياً في طابق التسوية لمسجد الأنوار، في الحي الغربي من قرية السليحي، أثار شكوك المصلين، المتوجهين لأداء صلاة العشاء والتراويح في أول أيام رمضان». وأشار الشهود، الذين استطلعتهم «اليوم»، الى أن «الإرهابي ظن أن المسجد خال من المصلين، فغادر مكمنه، إلا أن خروجه من التسوية الارضية أثار الريبة بين المتواجدين في المكان، ولدى سؤالهم له، أجابهم بأنه من منطقة مجاورة، ويريد أداء الصلاة في المسجد». ويضيف الشهود ان «المصلين سمحوا للإرهابي بأداء الصلاة، إلا أن سلاحاً كان يواريه تحت ثيابه كشفه، إذ كان يقف خلفه في صف الصلاة رجل أمن (شرطي) مجاز، فأدرك أن هذا الشخص لديه ما يثير الخوف والشبهة، وبعد انهاء الصلاة انقض عليه وأمسك به». وبين الشهود أن «القاتل كان يحمل حربة عسكرية، ومسدسا صغيرا، وحين القي القبض عليه، أخرج حربة عسكرية، إلا أن المصلين سيطروا عليه، فيما غافلهم ثانية وأخرج سلاحه الناري، وأصاب رجل الأمن برصاصتين، ليعاود المصلون السيطرة عليه». وأظهرت التحقيقات الأولية، التي أجرتها الأجهزة الأمنية، أن منفذ الهجوم، الذي القي القبض عليه على بعد عدة كيلومترات عن موقع الحادث، مواطن أردني، كان قد خضع لتحقيقات متعددة حول انتسابه لتنظيمات متشددة. وعلمت «اليوم»، من مصادر موثوقة، أن منفذ الهجوم، الذي يخضع للتحقيقات الآن، صاحب «قيود أمنية، تتعلق بانتمائه لتنظيمات إرهابية»، وكان «يتردد ويراجع المؤسسات الأمنية بين فترة وأخرى». وبينت مصادر «اليوم» أن «المشتبه به، ويدعى محمد علي المشارفة (22 عاماً)، أوقف غير مرة بتهم تتعلق بانتسابه وتعاطفه مع تنظيمات إرهابية، وقد سجن عام 2012 بتهمة التجنيد والدعوة للجهاد لصالح جيش الإسلام المبايع لتنظيم القاعدة». وخضع منفذ الهجوم المفترض، وفق المصادر، لتحقيقات في دائرة المخابرات العامة قبل أسبوع، تركزت حول اتهامه ب«التراسل مع تنظيم داعش الإرهابي». وكشفت التحقيقات الأولية - أيضاً - النقاب عن ارتباط الإرهابي المفترض بعلاقة قربى برئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني النائب د. مصطفى ياغي، الذي سارع من فوره إلى التبرؤ منه. وقال النائب ياغي، في بيان تسلمت «اليوم» نسخة عنه، «صلة القربى لا تبرر الإرهاب، وهذا لن يغير من موقفي الرافض للارهاب دون مواربة». وتبرأ ياغي، الذي كشفت التحقيقات أن الارهابي هو ابن شقيقته، من المجرم والجريمة، داعياً إلى «القصاص والضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بأمن البلاد». من جهتها، تبنت الحكومة الأردنية وصف «الهجوم الفردي والمعزول» لتوصيف هجوم الاثنين، فيما اتخذت قرارا بحظر النشر في القضية. وقال وزير الإعلام د. محمد المومني، في تصريح ل«اليوم»، إن «المشتبه بتنفيذ الاعتداء على المقر الأمني هو الآن في قبضة دائرة المخابرات العامة»، وبين المومني أن التحقيقات الأولية، التي لم تنته بعد، تظهر أن الهجوم هو حادث فردي معزول، دون أن يسقط افتراضات وجود منفذين آخرين فارين من العدالة. وفي قرار مفاجئ، حظرت هيئة الإعلام الأردنية وسائل الإعلام المحلية من النشر عن «هجوم المخابرات»، فيما برر مدير عام الهيئة د. أمجد القاضي القرار بالحفاظ على سرية المعلومات. وقال القاضي «إن نيابة امن الدولة طلبت رسميا حظر نشر اي اخبار او معلومات متعلقة بالقضية التحقيقية الخاصة بالهجوم على مكتب مخابرات البقعة، حفاظاً على سرية التحقيق، وتحقيقا للصالح العام». وفي تعليقه على «الهجوم»، قال الخبير في الحركات الإسلامية د. محمد أبو رمان، الذي استطلعته (اليوم) حول الحادث، «إن ما حدث أخيراً، وما حدث قبله، يمكن أن يتكرر، وهي جريمة لا يمكن ضمان عدم حدوثها، أيّاً كانت قدرات وكفاءة الأجهزة الأمنية في أي دولة في العالم». واعتبر أبو رمان أن «جريمة الإثنين تعكس قدرة الأردن على تحجيم قدرة التنظيمات المتشددة (القاعدة أو داعش) على تنفيذ عمليات خطيرة معقدة، مثلما حدث في تفجيرات عمان العام 2005، لكن هذا النمط من العمليات الفردية، فإن منعه تماماً غير ممكن». ورفض أبو رمان اعتبار ما حدث «اختراقاً امنياً»، وأيضاً نفى أن يكون وقوع 5 شهداء خلال الهجوم دلالة على ضعف الرقابة، وتساءل ما إذا كان ممكناً «السيطرة على نوايا الناس».