في الوقت الذي يُطالب فيه المهتمون بالسلامة المرورية والكتاب بوضع حلول جذرية لمحاربة التفحيط وتجريمه، لوقف نزيف الدم- الذي ما زال مستمرا منذ عشرات السنين، وما زال يحصد أرواحا بريئة وأخرى في مقتبل العمر وزهرة الشباب- فقد وجه ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف قبل أيام بتشكيل لجنة لدراسة تحويل ممارسات التفحيط إلى جرائم جنائية بدلا من مخالفات مرورية، وحسب المتحدث الرسمي للمرور فإن اللجنة لا تزال تواصل دراسة الموضوع تمهيدا لرفعه إلى مجلس الوزراء بعد أخذ موافقة اللجنة الأمنية في مجلس الشورى. آخر ضحية لجريمة التفحيط والمطاردة المبتعث «أيمن الضمادي»- رحمه الله- الذي لقي مصرعه أمس الأول في دهس بُعيد يوم واحد من عودته للمملكة محتفلا بحصوله على الماجستير من إحدى الجامعات الأمريكية. وكان الضمادي لقي مصرعه إثر دهسه من قِبل سائق سيارة مسرعة كانت تسير عكس السير، تبين أنها مسروقة وكان صاحبها يحاول الفرار من المرور وقام بدهس الضمادي. نظام المرور بحالته الراهنة يخالف المفحطين بعقوبة السجن 5 أيام أو تطبيق غرامة مالية قدرها ألف ريال، ويمكن رفعها في حال تكرار المخالفة مع إمكانية مصادرة المركبة بسبب هواية يمارسها المفحط من باب الترفيه أو لغايات محرمة وخطيرة، يسعى لتحقيقها بغض النظر عن مخاطرها عليه وعلى الغير، التي قد تكون حياته أو حياة غيره ثمنا لها. ظاهرة التفحيط لها منتديات عبر الانترنت ولها جمهور كبير من الشباب يؤيدونها ويحضرونها، وهي تُخلف بشكل كبير الكثير من المآسي. وبعد مطالبات وكتابات جاء توجيه ولي العهد بدراسة تغليظ العقوبات على المفحطين واعتبارها مخالفة جنائية للحد من ممارستها، بعدما تسبب العديد من المفحطين في إنهاء حياة عشرات الأرواح من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى مرورهم بطريق يمارس به عدد من الشباب التفحيط، ويرتكب به عدد من المخالفات المرورية كعكس السير وتعطيله. أخي الشاب: إن ممارستك التفحيط ما هي إلا فترة مرح دنيوي ومؤقتة قد تنتهي في لمح البصر بتعرضك لأي طارئ كصدم أو دهس أو انقلاب وجميعها اعلم أن نسبة حدوثها عليك نسبة مرتفعة جدا مهما كنت تملك من البراعة والثقة بالنفس لقيادة المركبة وممارسة التفحيط على سرعات تتجاوز ما بين 200 و240 نظرا لتعاملك بطريقة خطرة وغير مضمونة مع هيكل من حديد ومن جماد، وبالتالي سلمت أمرك وحياتك بعد الله لها. أخي الشاب: اترك عنك حب الظهور والشهرة المزيفة وتقليد ومحاكاة رفقة السوء والتنافس واستعراض امكانات السيارة التي لا ترحمك في حالة الاصطدام أو الانقلاب. وقد تتسبب في قتل النفس والتعدي على الآخرين باتلاف أرواحهم وتحطيم أبدانهم وترويعهم في طرقاتهم، كم من رجال ونساء وأطفال أبرياء تحولوا إلى أشلاء بسبب تهور المفحطين، كما أن المفحط يتعرض لخسائر مادية بتلف مركبته. وقد يصل الأمر إلى إتلاف في الممتلكات العامة بسبب الحوادث الناتجة عن التفحيط، كما أن التفحيط مفتاح لجرائم متعددة من سرقات ومسكرات ومخدرات، فما أن يدخل الشاب عالم التفحيط إلا ويتعرف على مجموعة من المنحرفين الذين يفتحون له أبواب الشرور. أخي الشاب: اعلم بأنك قد تتسبب في معاناة لأهلك وأفراد أسرتك إما بسبب كونك مطلوبا للجهات الأمنية أو بسبب الحوادث المترتبة على قيامك بالتفحيط أو بسبب السمعة السيئة التي تلحق الأسرة بفعلتك. أرجو أن تكتمل دراسة توجيه ولي العهد بسرعة وأن تطبق فور إقرارها لأن قضية «التفحيط» ليست فقط قضية مرورية وليست فقط قضية أمنية، بل هي أيضا قضية وطنية اجتماعية وأسرية وإعلامية يشترك في علاجها وفي القضاء عليها كل جهات المجتمع والدولة برفع الوعي بين الشباب والتذكير بأضرار هذه الظاهرة.