يقترح صندوق النقد الدولي على الدائنين الرسميين في اليونان منح البلاد عطلة للدفع مطولة لسداد ديونها، وذلك وفقًا لصحيفة وول ستريت جيرنال. هذه فكرة مجنونة وآمل أن تكون مجرد تكتيك تفاوضي يهدف إلى سحب ألمانيا إلى طاولة النقاش بحيث يمكنها على الأقل أن تناقش تخفيف عبء الديون. قالت الصحيفة إنه بموجب خطة صندوق النقد الدولي، اليونان لن تسدد الفوائد أو رأسمال قروض الإنقاذ حتى عام 2040، وذلك نقلا عن مسؤولين مطلعين على المحادثات. ما من شك في أن تخفيف عبء الديون الإضافية ينبغي أن يشكل جزءا من حزمة لمساعدة اليونان في استعادة الصحة الاقتصادية. ولكن فكرة أن وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله سوف يقبل وقف كل عمليات تسديد اليونان لعقدين ونصف تقريبا، أو أن المستشارة أنجيلا ميركل تريد أن تذهب إلى الانتخابات الألمانية العام المقبل بعد أن تمنح ما يعتبر بمثابة إعفاء من الديون عن العضو الأكثر اضطرابا في منطقة اليورو، هو كلام فارغ في أفضل الأحوال وخطير في أسوأ الأحوال. هناك خطر، أيضا، من أن العلاقات بين صندوق النقد الدولي مع الدائنين الآخرين في اليونان تصبح متوترة إلى درجة تعريض عملية الإنقاذ بأكملها للخطر. يبلغ عبء الديون من الضخامة إلى درجة أن كامل مبلغ المساعدة الإضافية لليونان، ومقداره 10 مليارات يورو (11.3 مليار دولار) الذي من المتوقع أن تتلقاه اليونان من اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو يوم 24 مايو، سوف يختفي في خدمة سداد ديونها في يونيو ويوليو (على الرغم من أن بعضه في سندات الخزانة التي سوف تستمر البنوك المحلية في البلاد بتمويلها). وحين يحل شهر يوليو 2017، ستكون هناك حاجة إلى 7 مليارات يورو أخرى. صندوق النقد الدولي على حق في قولة إن الجدولة أمر ضروري إذا كانت اليونان ترغب في أن تكون على مسار قابل للتطبيق في موضوع الانتعاش. لكن تعليق جميع مدفوعات الديون حتى عام 2040 لن يكون مقبولا بالنسبة لمقرضي اليونان، وخاصة ألمانيا. يصر صندوق النقد الدولي أيضا على تطبيق نظام مشغلات تلقائية من شأنه أن يفرض تدابير تقشف إضافية تصل قيمتها إلى حوالي 3.5 مليار يورو في حال فشلت اليونان في تحقيق الأهداف المحددة في خطة إنقاذها. ولكن ليس هناك منطق يذكر، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية، في فكرة أن البلد الذي يعاني من أجل تنمية اقتصاده بما يكفي لتحقيق أهدافه، تتم معاقبته بتخفيضات مبرمجة مسبقا اذا ما عجز عن ذلك. لا تزال توقعات النمو في اليونان باهتة في أحسن الأحوال. السياحة تساهم بأكثر من 18.5 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وذلك وفقا لمجلس السفر والسياحة العالمي. ولكن في الأسبوع الماضي، حذر رئيس اتحاد السياحة اليوناني أندرياس آندريدس من أن الضعف في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام يهدد هدف هذا العام بمبلغ 15 مليار يورو من الإيرادات، وربما يعني هذا أن عام 2016 هو أسوأ من العام الماضي. اقتراح صندوق النقد الدولي بتخليص اليونان تماما من ورطتها يأتي في وقت صعب. استفتاء 23 يونيو في المملكة المتحدة على ما إذا كانت بريطانيا ستغادر الاتحاد الأوروبي عزز القوى السياسية الأخرى المناهضة للتكامل الأوروبي. اقتصاد الاتحاد الاوروبي لا يزال هشا، مع 13 في المائة من الاقتصاديين لا يزالون يرون خطر حدوث ركود في منطقة اليورو في العام المقبل، وذلك وفقا لمسح أجرته بلومبيرج في وقت سابق من هذا الشهر. الإعفاء من النوع الذي ينصح به صندوق النقد الدولي ربما يعزز المشاعر ضد الاتحاد الاوروبي لدى الأعضاء الأساسيين، وهو ما يؤدي إلى المزيد من إضعاف الروابط. هناك حاجة إلى المزيد من الواقعية من جميع المشاركين في اجتماعات الأسبوع المقبل. ألمانيا بحاجة لتقبل أن تخفيف عبء الديون بشكل محدود يعتبر منطقيا، خصوصا وأن لدى رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس شيئا يستطيع من خلاله إقناع المواطنين في الداخل، حيث يعتبر موقفه السياسي هشا في أحسن الأحوال. بخلاف ذلك فإن منطقة اليورو تواجه إمكانية تكرار الأزمة الوجودية التي وقعت في العام الماضي والتي تهدد سلامة مشروع العملة المشتركة.