خروج اليونان من منظمة اليورو كان قد أصبح وشيكا بعد عدم قدرة دول المنظمة واليونان على ايجاد حلول جذرية، في ظل الاختلاف الكبير في وجهات النظر بين فريقين، الأول مؤيد لمقترحات أثينا وتتزعمه فرنسا، والثاني يطالب بخروجها او بذل المزيد من الجهود بزعامة ألمانيا، جاء ذلك بعد أن تعثرت المفاوضات على اقتراحات قدمها رئيس الوزراء اليوناني اليكسيس تسيبراس لإنقاذ اليونان، وتوقفت منتصف ليل امس من دون أية نتيجة. وتواصل دول منظمة اليورو عقد سلسلة اجتماعات في بروكسل في محاولة جديدة لتذليل العقبات، واذا لم يمكن التوصل الى اتفاق، سيكون على اثينا الخروج من منطقة اليورو. وقد استأنف وزراء مالية مجموعة اليورو اجتماعا كان قد تم تعليقه بعد تسع ساعات من المناقشات المحتدمة بشأن طلب اليونان لقرض جديد مدته ثلاث سنوات، على أساس مقترحات إصلاح قبلها رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس بعد معارضة طويلة الأمد. وسيكون هذا ثالث برنامج إنقاذ تحصل عليه اليونان. وأبدت عدة دول متشددة تأييدها لورقة قدمتها الحكومة الألمانية توصي بخروج اليونان من منطقة اليورو لمدة خمس سنوات، ما لم تقبل وتنفذ على وجه السرعة شروطا أكثر صرامة تشمل أساسا تحديد أصول حكومية لخصخصتها وتوجيه حصيلتها لسداد الدين. واحتدم النقاش حتى أن يروين ديسيلبلويم رئيس مجموعة اليورو قرر تعليق الجلسة عند منتصف الليل، واستئنافها صباح اليوم حتى تهدأ المشاعر المحتدمة. وقال وزير المالية الفنلندي الكسندر ستوب أمس السبت: إن المقترح اليوناني ليس كافيا لبدء مفاوضات على قرض جديد. ولدى وصوله لحضور اجتماع اليوم الأحد، قال ستوب: انه يريد المزيد من الضمانات من اليونان. وأضاف: «لا أحد يعطل الاتفاق، كلنا نعمل بشكل بناء محاولين إيجاد حل لوضع في غاية الصعوبة. ما نقوله هو ان المقترحات التي أوردها اليونانيون ببساطة غير كافية في هذه المرحلة. نريد التزامات واضحة وشروطا واضحة وإثباتا واضحا على أن هذه الشروط ستنفذ في نهاية الأمر، هذا موقفنا». وهدأ فالديس دومبروفسكيس نائب رئس المفوضية الأوروبية من آمال اليونان في التوصل إلى اتفاق فوري اليوم على بدء التفاوض على قرض. وقال: «اعتقد انه من المستبعد أن تحصل المفوضية الأوروبية على تفويض ببدء مفاوضات رسمية فيما يتعلق ببرنامج مساعدات ثالث اليوم. لكنني أعتقد أن المجموعة الأوروبية يمكنها التحضير وإعداد مدخلات ليناقشها الزعماء في وقت لاحق اليوم». وأُلغيت قمة زعماء دول الاتحاد الأوروبي وعددها 28 دولة والمطلوبة في حال خروج اليونان من الاتحاد. واتفق وزراء المالية من حيث المبدأ على البحث عن سبل لتخفيف عبء الديون على اليونان، عن طريق مد آجال الاستحقاق واتخاذ خطوات أخرى لم تصل إلى خفض الدين، بشرط ان تنفذ اليونان أولا إصلاحات أساسية تتعلق بالضرائب ومعاشات التقاعد وسوق العمل وغيرها. واستمرت النقاشات بين وزراء المال ال19 لدول منطقة اليورو على خطة محتملة لإنقاذ اليونان، شهدت انقساما حادا بين فريق تتزعمه فرنسا يؤيد اقتراحات تسيبراس، وفريق يطالب بخروج اليونان من منطقة اليورو أو بذل جهود اضافية، وتتزعمه المانيا. ويقول دبلوماسيون: إن المعركة أصبحت «عنيفة» ونظريا، ويلتقي زعماء منطقة اليورو من أجل اتخاذ قرار نهائي في هذا الأمر. وكان مفترضا أن تليها قمة أوروبية مساء، الا أن رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك أعلن على حسابه إلغاء القمة الأوروبية، مع تأكيد عقد قمة منطقة اليورو واستمرارها حتى تنجز المفاوضات حول اليونان». وأصبح مصير اليونان معلقا على اختبار قوة بين المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. وزير المال الالماني فولفغانغ شويبله أرخى شكوكاً حول التزامات تسيبراس، مكررا «أننا لا نستطيع الوثوق بوعوده»، وخصوصا بعدما «تراجعت الآمال في الانتعاش الى الصفر في الاشهر الاخيرة». وطالبت برلينأثينا بجهود اضافية تحت طائلة اقصائها من منطقة اليورو خلال خمس سنوات، في خطوة لا سابق لها. وقد وعدت ميركل الالمان بأن اليونان لن تكلفهم قرشاً واحداً. ويبدو أن الرأي العام الالماني لا يخشى سيناريو خروج اليونان من منطقة اليورو. ويقول مسؤول أوروبي: إن «ثمة دولا كثيرة على هذا الدرب». مشيرا إلى أن أزمة الثقة بين برلينوأثينا عميقة، وتفاقمت منذ وصول تسيبراس واليسار الراديكالي في نهاية كانون الثاني الماضي الى الحكم، وتعليق الاصلاحات التي التزمها اسلافهم. قبل تلك الانتخابات، كانت العواصم الاوروبية تفكر في مناقشة اعادة جدولة الدين اليوناني، ولكنهم صرفوا النظر عن هذا الموضوع منذ وصول تسيبراس. وتعتمد فنلندا موقفا أكثر راديكالية من المانيا، وتدفع في اتجاه خروج اليونان من منطقة اليورو بضغط من اليمين المتطرف. وتهدد هلسينكي بوضع فيتو على اية خطة للمساعدة، علما بأن اقرار أمر كهذا يحتاج الى اجماع. مناصرو اليونان يريدون «اصلاحات سريعة»، ويربطون الاتفاق بتصويت البرلمان اليوناني على رزمة من الاجراءات في اسرع وقت. وقد التزم وزير المال الجديد اوكليد تساكالوتوس البدء، منذ هذا الاسبوع، اعتماد زيادات للضريبة على القيمة المضافة ورفع سن التقاعد الى 67 سنة وانشاء وكالة ضريبية. وكانت حكومة أثينا وافقت الخميس الماضي على اجراءات يمكن التفاوض عليها مع دائنيها، بعدما طلبت من مواطنيها رفضها في استفتاء، الامر الذي وصفه بأنه استسلام من تسيبراس. أحد المفاوضين قال: إن رئيس الوزراء اليوناني ليس هو نفسه قبل عشرة ايام «لقد بدل موقفه مطلع الاسبوع، كما لو أنه خسر». زعيم «سيريزا» يأمل في الحصول على برنامج مساعدة، هو الثالث منذ 2010 ويقدر ب74 مليار يورو على مدى ثلاث سنوات. إيطاليا: هناك «انعدام للثقة» في اليونان قال وزير المالية الإيطالي بيير كارلو بادوان في بروكسل أمس الأحد: إن «العقبة الرئيسية أمام التقدم (في أزمة ديون اليونان) هو انعدام الثقة». وأضاف بادوان قبيل اجتماع الأزمة المقرر لوزراء مالية دول منطقة اليورو: «إنها ليست قضية إتمام اتفاق، الأمر هو بدء المفاوضات». بينما قال نظيره الفنلندي ألكسندر ستوب: «نحتاج للحصول على تعهدات واضحة، شروط واضحة، ودليل واضح على أن هذه الشروط سوف تنفذ في نهاية اليوم». وأبدى وزير المالية التشيكي بيتر كازيمير تشاؤما مماثلا إزاء التقدم لحل الأزمة اليونانية، قائلا :»ليس من المحتمل أن نتوصل لاتفاق اليوم. نعم، يمكننا بحث توصيات محددة لرؤساء الدول، هذا كل الأمر». كما أشار إلى أن هتاك «خيانة أمانة». مجموعة اليورو يستأنفون مباحثات الأزمة اليونانية استأنف وزراء مالية مجموعة اليورو صباح أمس الأحد مباحثاتهم التي بدأت أمس السبت بشأن الأزمة اليونانية. وتركز المباحثات على ما إذا كان سيتم بدء المفاوضات حول تقديم حزمة مساعدات ثالثة لليونان المعرضة لخطر الإفلاس أم لا. ومن المقرر أن يجري رؤساء دول وحكومات مجموعة اليورو مشاورات بشأن الأزمة اليونانية أيضا بعد ظهر اليوم. وقال نائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس: «نأمل في تحقيق أوجه تقدم أخرى اليوم». وأضاف: «اعتقد أنه ليس محتملا أن تحصل المفوضية الأوروبية اليوم على تفويض لبدء مفاوضات رسمية (بشأن تقديم حزمة مساعدات أخرى)». إلغاء القمة الأوروبية ومواصلة المفاوضات اعلن رئيس المجلس الاوروبي دونالد تاسك الغاء القمة الاوروبية حول الازمة اليونانية، لكن قمة اخرى تقتصر هذه المرة على منطقة اليورو وحدها ستعقد للبحث في خطة انقاذ مالية محتملة لأثينا، شرط بقائها في العملة الموحدة. وقال تاسك على حسابه على موقع تويتر: «ان القمة الاوروبية ألغيت، فيما ستبدأ قمة جديدة خاصة بمنطقة اليورو، وستستمر حتى تنجز المفاوضات حول اليونان»، في حين تستأنف المحادثات على مستوى وزراء المالية في منطقة اليورو، بعد تعليقها الماضي مع عدم التوصل الى توافق. وزير المالية اليوناني إقليدس يتحدث مع المدير العام لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد